لقد مكث المسيح عليه السلام فترة محدودة في دعوته لا تعدو ثلاث سنوات، وما كان الناس في تلك الفترة يعرفونه أكثر من كونه نبياً من أنبياء بني إسرائيل. وكان الجيل الأول من النصارى من أتباع المسيح وحواريه الذين عاشوا معه موحدين لله، معترفين بأن المسيح عليه السلام لا يعدو أن يكون بشراً أرسله الله تعالى إليهم كما أرسل من قبله كثيراً من إخوانه المرسلين عليهم السلام هذا ما كانت تشهد به الجموع في كل مرة، حينما كان المسيح يصنع المعجزات أمامهم فكانوا يفرقون بين الله وبين يسوع فكانوا يمجدون الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا وفي نفس الوقت يشهدون للمسيح بالنبوة.
لوقا (7: 16) فعندما رأت الجموع أعظم معجزة للمسيح وهي قيامه بإحياء الميت ما كان منهم سوى انهم مجدوا الله قائلين: (قد قام فينا نبي عظيم). ثم تفرقوا على ذلك.
والأناجيل تحتوي على عشرات النصوص التي تدل صراحةً على أن المسيح رسول مرسل وليس إله.
وقد قال المسيح: (الحق الحق أقول لكم: ما كان الخادم أعظم من سيده ولا كان الرسول أعظم من مرسله) (يوحنا 13: 16)
فإذا كان الرسول ليس بأعظم من مرسله كما يقول المسيح، وان هناك فرق بين الراسل والمرسل، فهيا إذن نثبت من الإنجيل ان الابن قد وقع عليه الارسال وانه مرسل من الله:
1- يقول المسيح لتلاميذه: من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي ارسلني (متى 10: 40)
وهذا يدل على أن (المسيح) مرسل من عندالله وطاعته من طاعة الله
2- قال يوحنا في رسالته الأولى: ان الله قد ارسل ابنه الوحيد الى العالم لكي نحيا به (1يو 4: 9)
3- في قصة المرأة الكنعانية (متى 15: 24) يقول المسيح: لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة وهذا اقرار منه بأنه مرسل، فلو كان إلهاً فكيف يكون مرسلاً؟
4- فى إنجيل (يوحنا 3: 34) لان الذي ارسله الله يتكلم بكلام الله. لانه ليس بكيل يعطي الله الروح
وهكذا يعلن أنه نبي مرسل من الله يتكلم بكلامه كما يعلن أن روح القدس لا ينزل عليه وحده وإنما ينزل على جميع الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام
5- ويقول المسيح: لاني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني (يوحنا 5: 30)
6- ويقول: الآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي (يوحنا 5: 37)
7- حين قام المسيح بإحدى معجزاته قال (يوحنا 11: 41): ايها الآب اشكرك لانك سمعت لي. وانا علمت انك في كل حين تسمع لي. ولكن لاجل هذا الجمع الواقف قلت ليؤمنوا انك ارسلتني.
فقد فعل هذه المعجزة ليؤمن الجمع أنه رسول الله، وهذه هي فائدة المعجزة التي تجري على يد رسل الله
8- في إنجيل لوقا 4: 43 يبين المسيح عليه السلام أن مهمته أن يبشر بملكوت الله ولهذا أرسله الله: (فقال لهم انه يبنغي لي ان ابشر المدن الأخر ايضا بملكوت الله لاني لهذا قد أرسلت. فكان يكرز في مجامع الجليل) انظر إلى قوله: (لأني قد أرسلت) فهو نص واضح على أنه رسول الله، بعث بمهمة وعظ الناس.
9- في إنجيل يوحنا (يوحنا 12: 49) قول المسيح: لاني لم اتكلم من نفسي لكن الآب الذي ارسلني هو اعطاني وصية ماذا اقول وبماذا اتكلم.
10- في إنجيل يوحنا: فقال لهم يسوع ايضا سلام لكم.كما ارسلني الآب ارسلكم انا. (يوحنا 20: 21)
11- إن يوحنا المعمدان قرر كما جاء في إنجيل يوحنا (3: 34) بأن المسيح (رسول)، (لأن الذي أرسله الله يتكلم بكلام الله).
يلاحظ ان النصوص السابقة تتضمن لفظ (أرسلني) ومن المعلوم أن المرسل غير المرسل بداهةً ثم ان هذه النصوص تفيد بأن الابن وقع عليه الإرسال والمسيح نفسه قال: (ولا كان الرسول أعظم من مرسله) (يوحنا 13: 16)
يقول المعترض: وكان الجيل الأول من النصارى من أتباع المسيح وحواريه الذين عاشوا معه موحدين لله، معترفين بأن المسيح عليه السلام لا يعدو أن يكون بشراً
وللرد نقول ان هذا كذب وتضليل من خيال المعترض المسلم المريض
فهناك العديد من الشواهد بالكتاب المقدس فى العهد الجديد تثبت أن المسيح إبن الله نذكر منها:
الملاك جبرائيل:
(لوقا 1: 35) فأجاب الملاك: «الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله.
مريم العذراء
(لوقا 1: 35-49) ..القدوس المولود منك يدعى ابن الله... 46فقالت مريم: «تعظم نفسي الرب 47وتبتهج روحي بالله مخلصي 48لأنه نظر إلى اتضاع أمته. فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني 49لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس
أليصابات:
(لوقا 1: 43) فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي؟
زكريا الكاهن:
(لوقا 1: 76) وأنت أيها الصبي (يوحنا المعمدان) نبي العلي تدعى (المسيح) لأنك تتقدم أمام وجه الرب لتعد طرقه.
سمعان الشيخ
(لوقا 2: 30-32) 30لأن عيني قد أبصرتا خلاصك 31الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. 32نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل».
يوحنا المعمدان:
(يوحنا 1: 34) وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله».
التلاميذ الإثنى عشر:
(متى 14: 33) والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين: «بالحقيقة أنت ابن الله!».
بطرس الرسول:
(متى 16: 16) فأجاب سمعان بطرس: «أنت هو المسيح ابن الله الحي».
(يوحنا 6: 69) ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي».
(بطرس الثانية 1: 2) لتكثر لكم النعمة والسلام بمعرفة الله ويسوع ربنا.
(بطرس الثانية 3: 18) ولكن انموا في النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح.
مرقس الرسول:
(مرقس 1: 1) بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله
يوحنا الرسول:
(يوحنا 20: 31) وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه.
(يوحنا الأولى 5: 20) ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق. ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية.
توما الرسول:
(يوحنا 20: 28) أجاب توما: «ربي وإلهي».
يهوذا الرسول:
(يهوذا 1: 21) واحفظوا أنفسكم في محبة الله، منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية.
يعقوب الرسول
(يعقوب 1: 1) يعقوب، عبد الله والرب يسوع المسيح، يهدي السلام إلى الاثني عشر سبطا الذين في الشتات.
لوقا الرسول
(لوقا 3: 23-38) ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي ... بن أنوش بن شيت بن آدم ابن الله.
نثنائيل
(يوحنا 1: 49) فقال نثنائيل: «يا معلم أنت ابن الله! أنت ملك إسرائيل!»
بولس الرسول:
(رومية 1: 4) وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات: يسوع المسيح ربنا.
(غلاطية 2: 20) مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في. فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن الله، الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي.
(كورنثوس الأولى 1: 19) لأن ابن الله يسوع المسيح.
مرثا أخت لعازر:
(يوحنا 11: 27) قالت له: «نعم يا سيد. أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم».
قائد المئة:
(مرقس 15: 39) ولما رأى قائد المئة الواقف مقابله أنه صرخ هكذا وأسلم الروح قال: «حقا كان هذا الإنسان ابن الله!»
فيلبس الرسول والخصى الحبشى:
(أعمال الرسل 8: 37) فقال فيلبس: «إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز». فأجاب: «أنا أومن أن يسوع المسيح هو ابن الله».
الشياطين:
(مرقس 3: 11) والأرواح النجسة حينما نظرته خرت له وصرخت قائلة: «إنك أنت ابن الله!»
(لوقا 4: 41) وكانت شياطين أيضا تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول: «أنت المسيح ابن الله!» فانتهرهم ولم يدعهم يتكلمون لأنهم عرفوه أنه المسيح.
(لوقا 8: 28) فلما رأى يسوع صرخ وخر له وقال بصوت عظيم: «ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي! أطلب منك أن لا تعذبني».
وتركز مقالة المعترض على تعبيرات استخدمها العهد الجديد ولكنها لا تركز على حقائق العهد الجديد!!! فهي تقتطف عبارات من هنا وأخرى من هناك وتناقشها بمفهوم عربي إسلامي غير مسيحي وتتجاهل حقائق الكتاب المقدس نفسه سواء عمداً أو جهلاً لتوصل للقارئ أمور ومفاهيم غير حقيقية لا يقصدها الكتاب المقدس!! فهي تعتمد على التعبيرات التالية:
(1) دعوة اليهود للمسيح على أنه نبي " قد قام فينا نبي عظيم ".
(2) أن المسيح مرسل من قبل الله؛ وقالوا أن هناك آيات كثيرة تدل صراحةً على أن المسيح رسول مرسل من الله وليس إله.
(3) أن الرسول ليس بأعظم من مرسله، وان هناك فرق بين الراسل والمرسل، بالتالي فهناك فارق بين الله الراسل والمسيح المرسل من قبله.
(4) وأن المسيح قال مرات كثيرة أنه مرسل من الله وأن الذي أرسله الله يتكلم بكلام الله.
(5) وقالوا: ومن المعلوم أن المرسل غير المرسل بداهةً ثم أن هذه النصوص تفيد بأن الابن وقع عليه الإرسال والمسيح نفسه قال: " ولا رسول أعظم من مرسله " (يو13: 16).
ولكنهم جهلوا أو تجاهلوا الحقائق التالية:
(1) أن العهد الجديد تكلم عن إرسالية الأب للابن والتي هي غير إرسالية الله للأنبياء حيث يقول الكتاب: " الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء الذي به أيضا عمل العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت ابني أنا اليوم ولدتك. وأيضا أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا. وأيضا متى ادخل البكر إلى العالم يقول ولتسجد له كل ملائكة الله " (عب1: 1-6). فالابن الذي أرسله الآب إلى العالم هو بهاء مجده، أي نوره، وصورة جوهره، بل وخالق العالمين ومدبر الكون وديانه، والجالس عن يمين الآب في السماء وهو ابن الله الذي من ذات الله والذي تسجد له جميع ملائكة الله.
وقال الرب يسوع المسيح نفسه في مثل الكرم والكرامين: " اسمعوا مثلا آخر. كان إنسان رب بيت غرس كرما وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبني برجا وسلمه إلى كرامين وسافر. ولما قرب وقت الإثمار أرسل عبيده إلى الكرامين ليأخذ أثماره. فاخذ الكرامون عبيده وجلدوا بعضا وقتلوا بعضا ورجموا بعضا. ثم أرسل أيضا عبيدا آخرين أكثر من الأولين. ففعلوا بهم كذلك. فأخيرا أرسل إليهم ابنه قائلا يهابون ابني. وأما الكرامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث هلموا نقتله ونأخذ ميراثه. فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه "(مت21: 33-35). وهنا يتكلم عن إرسال الله لأبنه.
(2) أن العهد الجديد تكلم عن إرسالية المسيح، الابن، الذي في الآب " أني أنا في الآب والآب فيّ " (يو14: 10و11)، وفي حضن الآب " الله لم يره احد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر " (يو1: 18)، ومن ذات الآب " أنا أعرفه لأني منه " (يو7: 29)، والآتي من الآب والذي سيعود ثانية إلى الآب، والذي هو دائما في الآب؛ فيه وعنده ومنه، في حضنه. وليس عن مجرد إنسان أرسله الله، بل عن كلمة الله " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله " (يو1: 1)، " هذا كان في البدء عند الله " (يو1: 2)، وصورة الله " المسيح الذي هو صورة الله " (2كو4: 4)، " الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا للّه " (في2: 6)، " الذي هو صورة الله غير المنظور فوق كل خليقة " (كو1: 15)، بهاء مجد الله وصورته جوهره " الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره " (عب1: 3)، الابن الذي من ذات الآب والواحد مع الآب والذي في الآب ومن الآب بدون انفصال مثل النور من النور: " خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضا اترك العالم واذهب إلى الآب " (يو16: 28)، " أنا أتكلم بما رأيت عند أبي " (يو8: 38)، " يسوع وهو عالم أن الآب قد دفع كل شيء إلى يديه وانه من عند الله خرج وإلى الله يمضي " (يو13: 3)، " لان الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني وآمنتم أني من عند الله خرجت " (يو16: 27)، " خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضا اترك العالم واذهب إلى الآب " (يو16: 28)، " والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم " (يو17: 5). ويقول القديس يوحنا بالروح: " فان الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا " (1يو1: 2).
كما أن إرسالية الآب للابن تختلف عن إرسالية الله للأنبياء فالعلاقة بين الآب والابن مختلفة عن العلاقة بين الله والأنبياء، فإرسالية الآب للابن أرسالة ذاتية في الذات الإلهية، تقوم على أساس أن الابن من الآب: " ليس أن أحدا رأى الآب إلا الذي من الله. هذا قد رأى الآب " (يو6: 46)، " أنا أعرفه لأني منه وهو قد أرسلني " (يو7: 29)، وأن من رأى الابن فقد رأى الآب، لأن الآب في الابن، والابن في الآب: " قال له فيلبس يا سيد أرنا الآب وكفانا. قال له يسوع أنا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس.الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ. الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال فيّ هو يعمل الإعمال. صدقوني أني في الآب والآب فيّ. وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها " (يو14: 8-11).
كما أن الابن له السلطان على كل شيء في الكون، يقول الرب يسوع المسيح مخاطبا الجموع: " الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده " (يو3: 35)، " كل شيء قد دفع إليّ من أبي. وليس احد يعرف الابن إلا الآب. ولا احد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له " (مت11: 27). ويقول عنه الكتاب: " يسوع وهو عالم أن الآب قد دفع كل شيء إلى يديه وانه من عند الله خرج وإلى الله يمضي " (يو13: 3). فهو وحده الذي من ذات الآب والذي يعرف من هو الآب والذي يعلن عن حقيقة نفسه وحقيقة الآب. ومن هنا فقد ارتبطت الرسالة بشخصه، فهو ليس مجرد رسول لله، بل هو الابن من الآب، ولم تنحصر رسالته في التبليغ أو الإعلان عن الله فقط، بل كانت الرسالة خاصة به هو نفسه كالابن من الآب، فهو كلمة الله الذي ظهر في الجسد وأعلن عن ذات الله الآب وحقيقته: " والكلمة صار جسدا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا 000 الله لم يره احد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر " (يو1: 14و18)، والذي ارتبطت الرسالة بشخصه مع الآب والروح القدس: " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " (مت28: 19)، وهو الذي سيأتي ليدين المسكونة بمجده ومجد الآب: " لان من استحى بي وبكلامي فبهذا يستحي ابن الإنسان متى جاء بمجده ومجد الآب والملائكة القديسين " (لو9: 26).
ثم يؤكد الرب يسوع المسيح أن الآب قد أعطى الابن جميع أعماله بدون استثناء، كل ما يختص بالله الآب دون استثناء: " فأجاب يسوع وقال لهم الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذاك (يقصد الآب) فهذا يعمله الابن كذلك " (يو5: 19).
+ " لأن الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله. وسيريه أعمالا أعظم من هذه لتتعجبوا انتم " (يو5: 20).
+ إعطاء الحياة وإقامة الموتى: " لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضا يحيي من يشاء " (يو5: 21). دينونة الأحياء والأموات: " لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن " (يو5: 22). الكرامة المتساوية مع الآب: " لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب. من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله " (يو5: 23). الابن حي وله الحياة في ذاته مثل الآب: " لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضا أن تكون له حياة في ذاته " (يو5: 26)، " كما أرسلني الآب الحي وأنا حيّ بالآب فمن يأكلني فهو يحيا بي " (يو6: 57)، " اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان لان هذا الله الآب قد ختمه " (يو6: 27)، كل ما يأتي للابن هو عطية من الآب: " كل ما يعطيني الآب فإليّ يقبل ومن يقبل إليّ لا أخرجه خارجا " (يو6: 37)، " وهذه مشيئة الآب الذي أرسلني أن كل ما أعطاني لا أتلف منه شيئا بل أقيمه في اليوم الأخير " (يو6 39)، " لا يقدر احد أن يقبل إليّ أن لم يجتذبه الآب الذي أرسلني وأنا أقيمه في اليوم الأخير " (يو6: 44)، " انه مكتوب في الأنبياء ويكون الجميع متعلمين من الله. فكل من سمع من الآب وتعلّم يقبل إليّ " (يو6: 45). كما أن الآب يشهد للابن دائماً: " أنا هو الشاهد لنفسي ويشهد لي الآب الذي أرسلني " (يو8: 18)، وقد شهد له في المعمودية والتجلي: " هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " (مت3: 17؛17: 5).
لذا يقول كل من القديس بطرس والقديس يوحنا: " لأنه اخذ من الله الآب كرامة ومجدا إذ اقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررت به " (2بط1: 17)، " فان الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضا شركة معنا. وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح " (1يو1: 2و3). ويقول الرب يسوع نفسه: " والذي أرسلني هو معي ولم يتركني الآب وحدي لأني في كل حين افعل ما يرضيه " (يو8: 29)، ويؤكد أن قدم نفسه بذاته: " لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضا " (يو10: 17).
+ " فالذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم أتقولون له انك تجدف لأني قلت أني ابن الله " (يو10: 36).
+ " ولكن أن كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فيّ وأنا فيه " (يو10: 38).
+ " أن كان احد يخدمني فليتبعني. وحيث أكون أنا هناك أيضا يكون خادمي. وان كان احد يخدمني يكرمه الآب " (يو12: 26).
+ " قال له يسوع أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس احد يأتي إلى الآب إلا بي " (يو14: 6).
+ " وأنا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد " (يو14: 16).
+ " وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم " (يو14 ك26).
+ " كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا. اثبتوا في محبتي " (يو15 ك9).
+ " ليس انتم اخترتموني بل أنا اخترتكم واقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم.لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي " (يو15: 16).
+ " ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي " (يو15: 26).
+ " وفي ذلك اليوم لا تسألونني شيئا. الحق الحق أقول لكم أن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم " (يو16: 23).
+ " في ذلك اليوم تطلبون باسمي.ولست أقول لكم أني أنا اسأل الآب من أجلكم " (يو16: 26).
+ " لان الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني وآمنتم أني من عند الله خرجت " (يو16: 27).
+ " خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم وأيضا اترك العالم واذهب إلى الآب " (يو16: 28).
+ " هوذا تأتي ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركونني وحدي.وأنا لست وحدي لان الآب معي " (يو16: 23).
+ " تكلم يسوع بهذا ورفع عينيه نحو السماء وقال أيها الآب قد أتت الساعة.مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضا " (يو17: 1).
+ " والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم " (يو17: 5).
(3) بل وفي العهد الجديد نرى الرسالة نفسها مرتبطة ومنحصرة ومتبلورة في شخص الرب يسوع المسيح نفسه وفي اسمه. ولذا نرى اسم " يسوع " في العهد الجديد وقد حل محل " أسم الرب "، الله، في العهد القديم والدعوة " باسم الرب " والإيمان به تحولت إلى الدعوة " باسم يسوع " والإيمان به، وقد نسب " لأسم يسوع " كل ما لله في العهد القديم، كما أقتبس العهد الجديد نفس الآيات الخاصة " بالرب "، الله، وطبقها حرفياً على " يسوع "، مؤكداً أن يسوع هو الرب، الله، وأن ما نسب للرب، الله ينسب ليسوع. وقد صف الكتاب " أسم يسوع " بالاسم السامي الذي يفوق كل أسم والذي هو فوق كل أسم وبرغم التجسد واتخاذه صورة العبد إلا أنه " جلس في يمين العظمة في الأعالي صائراً أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث أسماً أفضل منهم.. ولتجسد له كل ملائكة الله " (عب1: 4و6)، لأن الفرق بين الملائكة وبين يسوع هو الفرق بين المخلوق والخالق: " وعن الملائكة يقول الصانع ملائكته رياحاً وخدامه لهيب نار. وأما عن الابن (يسوع) يقول كرسيك يا الله إلى دهر الدهور " (عب1: 7و، انه أعظم من الملائكة، فهو خالق الملائكة ورب العرش، الله الجالس على العرش، لذلك فأسمه أفضل من أي أسم. أنه الغنى الذي أتخذ فقرنا " أفتقر وهو غنى " (2كو9: ، ولكن الاسم الذي أتخذه بعد التجسد هو الاسم الذي يفوق كل أسم لأنه أسم الإله المتجسد.
وكما كان " أسم الرب "، الله، هو الاسم الذي له العظمة والمجد في العهد القديم أصبح أيضاً " أسم يسوع " وسيظل الاسم الذي له المجد والعظمة كما يقول الوحي الإلهي: لكي يتمجد " أسم ربنا يسوع المسيح " فيكم وأنتم فيه بنعمة إلهنا والرب يسوع المسيح " (2تس10: 19)، " وكان أسم الرب يسوع يتعظم " (اع19: 17). وما أروع هذا النشيد الذي تغنت به الكنيسة في عصرها الأول بالروح القدس: " الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاساً لكنه أخلى نفسه أخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب لذلك رفعه الله وأعطاه أسماً فوق كل أسم لكي تجثوا باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع هو رب لمجد الله الآب " (في2: 5-10).
كما صار يسوع هو محور الإيمان: قال الرب يسوع المسيح نفسه: " أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا " (يو11: 25)، " أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي " (يو14: 16)، و" الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله " (يو3: 36). ويقول الوحي الإلهي في الرسالة إلى رومية: " إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت لن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص. لأن الكتاب يقول كل من يؤمن به لا يخزى.. لأن رباً واحداً للجميع غنياً لجميع الذين يدعون به. لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص " (رو10: 9-13). وكان شعار الكنيسة في بشارتها بالإنجيل في المسكونة كلها: " أمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك " (أع16: 31)، " من آمن وأعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن " (مر16: 16)،" وليس بأحد غيره الخلاص. لأن ليس آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغي أن نخلص " (أع4: 12). وذلك لأن يسوع المسيح هو: " رب الكل " (أع10: 36)، " ملك الملوك ورب الأرباب " (رؤ19: 16)، " ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به " (1كو8: 6)، " هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية " (1يو5: 20). وكان ومازال وسيظل الإيمان بالمسيح هو محور الكتاب المقدس ومحور رسالة الأنبياء والرسل والخدام والمبشرين.
كما صار أيضا محور الدعوة، فكما كان الإيمان باسم الرب، الله، هو محور الكتاب هكذا كان " أسم يسوع " أيضاً وسيظل هو أساس الدعوة المسيحية. قال الوحي الإلهي في سفر يؤئيل النبي: " أن كل من يدعو باسم يهوه ينجو " (يوئيل2: 32)، وأقتبس كل من القديس بولس والقديس بطرس هذه الآية وطبقاها حرفياً على يسوع: " كل من يدعوا باسم الرب (Kyrios) يخلص " (أع2: 17-21؛رو10: 13). والرب هنا حسب سياق الموضوع والكلام هو الرب يسوع. وقد قال حنانيا لبولس بعد أن أمن بالرب يسوع المسيح: " لماذا تتوانى؟ قم أعتمد وأغسل خطاياك داعياً باسم الرب " (أع22: 16). والرب طبعاً هو الرب يسوع المسيح الذي قال عن بولس لحنانيا: " لأن هذا لي أناء مختار ليحمل أسمى أمام أمم وملوك وبني إسرائيل لأني سأريه كم ينبغي أن يتألم لأجل أسمى " (أع9: 15و16). والقديس بولس يخاطب أهل كورنثوس بالروح القدس قائلاً: " إلى كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعن باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان " (1كو1: 12). وهكذا تحولت الدعوة من " أسم الرب "، الله، في العهد القديم إلى " أسم يسوع " في العهد الجديد ودعي تلاميذه ورسله والمؤمنين به مسيحيين (اع11: 26)، على لقبه " المسيح " لأنه " يسوع الذي يلقب بالمسيح ".
بل وصار اسم يسوع هو محور وأساس وموضوع الكرازة: فقد كان الهدف الأول للبشارة والكرازة في العهد الجديد هو الإيمان بالرب يسوع المسيح ونشر أسمه في كل المسكونة. قال الرب يسوع نفسه لتلاميذه مفسراً ما كتبه عنه الأنبياء: " هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث. وأن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم " (لو24: 27). ويقول الروح القدس: " له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا " (يو10: 43).
والإيمان بكونه ابن الله كان هو هدف كتابة العهد الجديد: " أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه " (يو20: 31)، " أكتب هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله " (1يو5: 13). بل ويقول الكتاب أن من أجل أسمه خرج الرسل ليبشروا ويكرزوا في المسكونة كلها مزودين بوصاياه: " من أجل أسمه خرجوا وهم لا يأخذون شيئاً من الأمم " (3يو7)، " أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر " (مت28: 16-18)، " يسوع المسيح ربنا الذي لأجل أسمه قبلنا نعمة ورسالة لإطاعة الإيمان في جميع الأمم " (رو15: 20).
فقد كان أسم يسوع هو محور وموضوع وأساس الكرازة كما أنه مرسل الرسل والأنبياء والمبشرين، وكان تعليم تعاليمه ووصاياه وتلمذة الأمم على ذلك هو شريعة الرسالة.
(4) أن المسيح تجسد وأتخذ الطبيعة الإنسانية الكاملة، وكإنسان أتخذ لقب نبي ورسول كقول القديس بطرس بالروح القدس: " الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل يبشر بالسلام بيسوع المسيح. هذا هو رب الكل. انتم تعلمون الأمر الذي صار في كل اليهودية مبتدئا من الجليل بعد المعمودية التي كرز بها يوحنا. يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيرا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لان الله كان معه. ونحن شهود بكل ما فعل في كورة اليهودية وفي أورشليم. الذي أيضا قتلوه معلقين إياه على خشبة. هذا أقامه الله في اليوم الثالث وأعطى أن يصير ظاهرا ليس لجميع الشعب بل لشهود سبق الله فانتخبهم. لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات. وأوصانا أن نكرز للشعب ونشهد بان هذا هو المعين من الله ديانا للإحياء والأموات. له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا " (أع10: 36-43). وهنا يلخص القديس بطرس بالروح كيف أنه، المسيح، رب الكل وأنه ديان الأحياء والأموات، وأنه لا خلاص ولا غفران خطايا إلا باسمه. أو كما يقول القديس بولس: " عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تراءى لملائكة كرز به بين الأمم أومن به في العالم رفع في المجد " (1تي3: 16)، و" مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية " (عب4: 15).
(5) أن المسيح نفسه هو الذي أرسل جميع الرسل والأنبياء في العهد الجديد بل وهو الذي سبق وأرسل جميع الأنبياء والرسل في العهد القديم.