عدد المساهمات : 567 نقاط : 1711 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 18/08/2010
موضوع: الذكر المحفوظ الخميس فبراير 10, 2011 3:21 pm
الذكر المحفوظ اللوح المحفوظ
الصلاة فرضة على المسلمين في قصة معراج النبي .
والسؤال هنا هو هل كان انبياء الله المسلمين دون صلاة ؟ لان الصلاة لم تكن قد فرضة على النبي ؟
وان كان انبياء الله قبل محمد مسلمين فهل كانوا يقلاؤن القران بلسان اعجمي مبين ؟ بمعنى اخر هل كان هناك قران يتبعه الانبياء السابقين
إذا كانت آيات القران جاءت ردا على أحداث معينه خيرا كانت ام شر .
وفي نفس الوقت يقولون ان القران مكتوب منذ الازل في اللوح المحفوظ .
وهذا يعني ان الله قد كتب على العباد افعالهم بخيرها وشرها .
فاذا كان هذا هو الحال فعلى أي اساس الله سيحاسبنا على شيء هو كتبه علينا؟
اهذا هو عدل الله ؟
1 سؤال : قالوا ان القران محفوظ منذ الأزل في اللوح المحفوظ.
وسؤالنا هنا هو :هل الآيات التي كانت تنزل على محمد ومن ثم تنسخ أي تلغى لم تكن من الآيات المحفوظة منذ الأزل في اللوح المحفوظ . وان كانت فهل هذا يعني أنها ألغيت (أي حذفت) من اللوح المحفوظ بعد ان نسخت
2 سؤال: هل القران الموجود في اللوح المحفوظ منقط ومشكل ؟
3 سؤال: طالما أن الخلود سمة القرآن الكريم ، فهذا يعني من وجه آخر خلود المشكلات والقضايا الإنسانية التي جاء القرآن لمعالجتها في أصولها ، وإن تغيرت في بعض فروعها وألوانها..
أي أن القرآن خالد ، والقضايا الإنسانية المطلوب علاجها أيضاً خالدة . ولا تزال في الإنسانية حالات كفر ونفاق ، وضعف في الإيمان واستكبار وعلل نفسية، وصور من الولاء والبراء والسقوط والنهوض ، والنصر والهزيمة .... إلخ
فكيف يمكن والحالة هذه أن نعمل بعض الآيات ونعطل بعضها بسبب القول بالنسخ؟ وفي الوقت نفسه نقول بالخلود؟
4سؤال : قالوا : المنسوخ في القران على ثلاثة أدرب ( أنواع)
1} منه ما نسخ خطه وحكمه .
2} ومنه ما نسخ خطه وبقي حكمه.
3} ومنه ما نسخ حكمه وبقي خطه .
السؤال هنا هو : هل التحدي والأعجاز واقع في آليات التي نسخ حكمها وبقي نصها ؟
5 سؤال : هل أعجاز القران واقع في كل آية من آيات القران ؟
ام انه واقع في أحكامه فقط ؟
فلو قيل انه واقع في كل آية من آيات القران . فسؤالنا هنا هو : اين الأعجاز في قوله : ان أنكر الأصوات لصوت الحمير . لقمان 19؟ او قوله : وامرأة مؤمنه ان وهبت نفسها للنبي ...الاحزاب 50؟
وان قيل واقع فقط في الأحكام نقول : اين الأعجاز في قطع يد السارق والذي كان معروفا وممارس من المجتمع الجاهلي قبل الإسلام ؟
الذكر المحفوظ
حفظ الذكر
يستفتح أهل القران على أهل التوراة والإنجيل بان القران حفظ بمعجزة سالما كما نزل على (النبي الأمي ) ، ويستعلون عليهم متهمين إياهم بتحريف التوراة والإنجيل بينما هم قد حافظوا على صحة نقل القران ، ، وسلامة حفظه ، ودليلهم قوله تعالى: (آنا أنزلنا الذكر وآنا له لحافظون) . قالوا : هذه نبوة عن حفظ القران ، وفي تواتر نقله سالما عن الرسول معجزة تؤيد تلك النبوة .
سؤال : هل لفظة ذكر في القران مقتصرا على القران فقط ؟ .
وهل المقصود بآية سورة الحجر 9 : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) هو القران ؟ وهل تكفل الله في حفظ القران دون سواه ؟ .
أسئلة كثيرة سنجيب عليها من خلال الواقع القرآني ، الذي أساءوا تاويله وتفسيره أهل العلم لشيئا في نفس يعقوب .
نحن لا ننكر ان تعبير الذكر اطلق على القران في اكثر من سورة وآية ، كقوله تعالى : وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّك لمجنون)َ الحج 6
وص 8 . والقمر 25. والنحل 44.و يس 11. والقلم.
لكننا نكر وبشدة على الذين خصوا وحددوا واقتصروا معنى الذكر على القران فقط . وفاتهم ان الذكر بحسب الواقع القراني هو الكتاب المقدس قبل القران .
نعم لقد أطلق القران تعبير الذكر على الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد .
وعليه نقول ان لفظة (الذكر) لا تقتصر على القران ، بل هو مرادف للكتاب ، كما ان (أهل الذكر) ، مرادف (لأهل الكتاب) .
فالذكر، في لغة القران ،مرادف للكتاب. وعلى الحصر، فهو مخصوص بالتوراة، كقوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) الانبياء 105 .
كما هو مخصوص بالإنجيل كقوله : ( ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) ال عمران 58. الخطاب في آية آل عمران 58 لعيسى .
فالذكر الحكيم ، خلافا لما يتوهمه العامة ، مرادف للكتاب المقدس ، أي التوراة والإنجيل، وهذا واضح من تسمية القران ( اهل الكتاب) اهل الذكر : فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ 43 بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) النحل 34-44 والانبياء 7 .
فالذكر على الإطلاق هو الذي عند أهل الكتاب، أهل الذكر . وما الذكر الذي انزل على محمد سوى تفصيل للذكر الحكيم ، كما ان القران هو (َتَفْصِيلَ الْكِتَابِ) يونس 37 .
دعونا الان نعود لسورة الحجر ، التي ذكرت آية الحفظ . لنتأمل بها .
فالأجوبة الثلاثة متناسقة مترابطة في الرد عليهم . لكن الآية 9 او ايه الحفظ : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) . ظاهر عليها الإقحام . فهي في غير موضعها . أي خارجة عن السياق .
فما معنى رده على تهمة جنون النبي (وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) بآية الحفظ؟ سؤال : ما صلة حفظ الذكر في الرد على تهمة الجنون؟
وما معنى ان يجيبهم على قولهم لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) بآية الحفظ؟ . انها جملة معترضة ظاهر عليها الإقحام . فهي في غير موضعها . أي خارجة عن السياق .
المسالة الثانية : من قال ان المقصود بلفظة الذكر الواردة في الآية تعني القران؟
نلاحظ الاطلاق في تعبير (الذكر) في الآية 9 كما في الآية 6 .
فليس التعبير خاصا بالقران حتى يكو تعهد الله بحفظه خاصا بالقران وحده .
فالذكر على الاطلاق هو الكتاب المقدس الذي هو عند اهل الذكر : (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ 43 بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ) النحل 43 .
فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ – (أي اهل الكتاب)- إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) الانبساء 7.
لذلك عندما يرد لفظ (الذكر) مطلقا ، غير مبين بقرينة ، فهو يقصد الكتاب المقدس ، كقوله : (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ) النحل 43 والانبياء 7 .
وكما في هذا القسم الذي يستفتح السورة : ( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) . س 1 – ان ترادف الاسمين دليل على انهما اسمان للكتاب المقدس ، اذ لا يصح ان يكون المقسم به والمقسم عليه واحد .
لذلك أيضا فان قوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) يقصد الكتاب المقدس قبل القران العربي ، بسبب اطلاق التعبير ، وقرينة اهل الذكر .
فالذكر على الاطلاق هو الذي عند أهل الكتاب ، اهل الذكر . وما الذكر الذي انزل على محمد سوى تفصيل للذكر الحكيم ، كما ان القران هو (وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ) يونس 37 .
فتعهد الله بحفظ الذكر المنزل إنما يتعلق أولا بالكتاب ثم بالقران .
فالقران العرب يستخدم اسم الذكر له ، نقل عن اهل الذكر الذي يحيل النبي اليهم في حالة الاستفسار والشك .
فالذكر اسم مترادف بين الكتاب والقران : ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) الزخرف 44
سؤالنا هنا هو : ما المقصود من حفظ الذكر ؟ وهل الذكر هنا هو القران ؟ وما هو دليل ذلك؟ .
ان كان القران هو الذكر المحفوظ ؟ فسؤالنا هنا هو : من ماذا حفظ القران ؟ هل حفظ من النسيان ؟الآية
من المحو ؟ الآية
من التبديل ؟ الآية
من النسخ ؟ الآية
من تمنى الشيطان ؟ الآية
ام حفظ من إحراق نسخه الأصلية على يد عثمان؟ الآية
ام حفظ من إلغاء أحرفه الست الذي انزل عليها ؟ الآية
ام حفظ من لبشك النبوي ؟ الآية
ان اية سورة الحجر 9 لا تتماشى مع الواقع القرآني الذي أكد لنا ظاهرة نسيان النبي للقران وذلك بفعل الشيطان .
لا يتماشى مع ظاهرة تمنى الشيطان في الوحي القراني .
ان تفسير المسلمين لاية الحجر 9 على ان المقصود من الذكر المحفوظ هو القران . يعتبر تجني على القران وعلى نصه .
الذكر المحفوظ
للتوراة والإنجيل والقران ، أسماء واحدة
فالثلاثة هي الكتاب المنزل : ( بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، وانزل معهم الكتاب بالحق) البقرة 213.
والقران نفسه وحي من هذا الكتاب الإمام ، بدون تبديل : (واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك : لا مبدل لكلماته ) الكهف 27.
لذلك فالقران: ( تفصيل الكتاب ) يونس 37 ،
وتصديق له يهيمن على حراسته :
(وأنزلنا إليك الكتاب ، مصدقا لما بين يديه (قبله) من الكتاب ، ومهيمنا عليه) المائدة 51 .
نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ . النساء 47 .
فعلى المسلمين ان يؤمنوا بالكتاب والقران ايمانا واحدا : ( يا ايها الذين آمنوا ، آمنوا بالله ورسوله ، والكتاب الذي انزل على رسوله ، والكتاب الذي انزل من قبل ) النساء 136 . فالكتاب المنزل في الثلاثة واحد ، وله فيها جميعا قيمة واحدة .
والثلاثة جميعا هي الذكر الحكيم :
( هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ) الأنبياء 23.
والذكر هو أصلا عند أهله : ( فاسألوا أهل الذكر ، لن كنتم لا تعلمون البينات والزبر) النحل 43-44.
فما القران سوى بيان للتنزيل في الكتاب : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما انزل اليهم ) النحل 44 . فالذكر واحد في الثلاثة.
والثلاثة هي الفرقان :
( نزل عليك الكتاب بالحق ، وانزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وانزل الفرقان ) ال عمران 4 : فالتوراة والإنجيل والقران هي كلها الفرقان
وما القران نفسه سوى ( بينات من الهدى والفرقان) البقرة 185.
لذلك : ( تبارك الذي انزل الفرقان على عبده ) الفرقان 1 .
كما ( آتينا موسى وهارون الفرقان ) الأنبياء 48 .
فالكتب الثلاثة هي الفرقان .
والثلاثة هي القران ، قبل أن يصير اسما خاصا بالكتاب العربي.
فمنذ مطلع الدعوة ، ولما ينزل من القران العربي سوى آيات معدودات ، يؤمر محمد ( قم الليل إلا قليلا ….. ورتل القران ترتيلا ( المزمل فمن الواضح انه قران الكتاب .
هذا ا يتضح من قوله : (وأمرت ان أكون من المسلمين ، وان أتلو القران) النمل 90-91.
أي قران الكتاب الذي يتلوه مع المسلمين من قبله الذي أمر بان ينضم إليهم ويكون ( من المسلمين ) . وفي مطلع السور يرادف بين ( تلك آيات الكتاب ) الشعراء 1 والقصص 1 يونس 1 لقمان 2 ، وبين تلك آيات القران) النمل 1 . فالقران اسم الكتاب كله مثل القران العربي : ( تلك آيات القران كتاب مبين) نمل 1 هذا الترادف يجعل للثلاثة قيمة واحدة .
2) فالكتاب المنزل واحد في التوراة والإنجيل والقران
فلا يميزه عنها سوى اللسان العربي وحده : ( وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ . الأحقاف 12 .
4) اصل الكتاب المنزل في التوراة والإنجيل والقران واحد.
اصل الكتب المنزلة كلها هو : ( اللَوْحٍ المَحْفُوظٍ ) . البروج 22.
ويسميه ( أُمِّ الْكِتَابِ ) . الزخرف 4 ؛ ( الرعد 39) أي اصله الذي لا يتغير منه شيء ؛ وهو ما كتبه بالأزل) ( الجلالان) ؛ ( اصل الكتب ، وهو اللوح المحفوظ) البيضاوي .
فبما ان اصل التوراة والإنجيل والقران واحد ؛ فهي كلها واحدة، ولها قيمة واحدة، في نظر القران نفسه .
5) التوراة والإنجيل والقران تعلم جميعا دينا واحدا .
هذا ما وصى به الله زعماء الأنبياء والرسل ، نوح وابراهيم وعيسى وموسى ومحمد:
( شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) الشورى 13 . لذلك : ( لا نفرق بين أحد منهم ، ونحن له مسلمون ).
6) وهذا الدين الواحد في الثلاثة هو التوحيد الكتابي
فالتوحيد المنزل هو الايمان بالله واليوم الآخر ، وهذا ما تنادي به الكتب الثلاثة . لذلك: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . البقرة 62 .؛ قابل الحج 17 و 67 ؛ المائدة 69.
وبوحدة التوحيد والدين في الكتب الثلاثة ، يتحدى المشركين : (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ . القصص 49 .
وهذا التوحيد الكتابي المنزل هو واحد في الكتب الثلاثة : ( هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِي . الأنبياء 24 –25 . فسره (الجلالان) ( ذكر من معي أي أمتي ، وهو القران ؛ وذكر من قبلي أي من الأمم ، وهو التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله ؛ فليس في واحد منها أن مع الله آلها آخر .
فالتوحيد الكتابي واحد في الثلاثة ؛ فلهما جميعا منزلة واحدة .
7) وهذا التوحيد الكتابي المنزل هو الإسلام
ان (الإسلام) موجود اسما ودينا قبل محمد والقران ، وذلك بنص القران القاطع:
( هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ) الحج 78 : ( من قبل) في الكتاب كله؛
( وفي هذا) القران ، كما اجمع على تفسيره الطبري والزمخشري والبيضاوي والجلالان .
لذلك يؤمر محمد في بعثته ان ينضم الى ( المسلمين) الموجودين من قبله : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وان أتلو القران) معهم . النمل 90-91 .
وجميع الأنبياء علموا إسلام الكتاب ، فلا دين غيره ، لانه دين الفطرة ، ودين الكتاب :
ان إسلام القران هو إسلام الكتاب نفسه . والإسلام الذي لا دين غيره هو إسلام الكتاب ، من إبراهيم إلى موسى إلى عيسى ، قبل إسلام القران ؛ وما إسلام القران الا إسلام الكاب الذي شرعه الله للعرب ( الشورى 12 ) .
لكن هذا الإسلام هو على التخصيص إسلام النصارى ( أُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ) الذين يشهدون مع الله وملائكته ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) . ال عمران 18 – 19.
فالإسلام حصرا هو الإسلام (النصراني ) قبل ان يكون الإسلام القرآني .
هذا ما أعلنه الحواريون ، صحابة المسيح ، مرارا : ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . ال عمران 52 الصف 14 ؛ وهذا ما أعلنه النصارى لمحمد حين تلا عليهم إسلام القران : ( إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ). القصص 53 .
وكما شهد الحواريون للمسيح بالإسلام : ( رَبَّنَا آمَنَّا …. فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ. ال عمران 53 ؛ يشهد القران بالحرف الواحد للنصارى بالإسلام : (رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) المائدة 86.
وميزة هذا الإسلام (النصراني ) القرآني هو التوحيد بين الرسل والكتب المنزلة (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ . البقرة 136 وال عمران 84.
وبما ان الإسلام واحد في الكتب المنزلة كلها ، فالايمان( بكتب الله ورسله ) واحد، وهو ركن من أركان دين الله : ( ليْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ….. البقرة 177 .
فآمنوا بالله ( وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ) ال عمران 179. النساء 152 و171 والحديد 19 و21.
هذا هو أساس الحوار الذي يفرضه القران على أمته : فلا ينس أهل القران هذا التلقين في حوارهم مع أهل الإنجيل .
الإنجيل هو كلام الله على لسان كلمة الله
ان الله يستجمع الحي كله في السيد المسيح : ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ . ال عمران 48
في الترادف تظهر ( الحكمة) مرادفا للإنجيل ؛ والمسيح نفسه يعلن ، ( قال : قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ ) . الزخرف 63.
وهذا الجمع المعجز للوحي في المسيح عقيدة راسخة في القران ، فهو يردد : ( إِذْ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ). المائدة 110 .
وميزة محمد والقران إيمانهما بالمسيح انه (كلمة الله: إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ). ال عمران 45 . وهذه هي البشرى نفسها للمعمدان (ال عمران 39 ).
فتعريف القران بالمسيح ، عيسى ، ابن مريم ، رسول الله ، انه (كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ) . النساء 171 .
وهذا التعريف ، مهما اختلف التأويل ، فانه يرفع المسيح من عالم البشر ، الى عالم الروح ، عالم الملاك والله .
فكلام الله على لسان (كلمة الله) هو ختام الوحي والنبوة ؛ لأنه ليس من رسول عند الله مثل الذي هو (كلمته وروح منه ) . قال الرازي : سمي كلمة الله كأنه صار عين كلمة الله … أو لأنه أبان كلمة الله افضل بيان ) آل عمران 45.
وميزة محمد في دعوته انه : ( النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يؤمن بالله وكلمته . الأعراف 158 .
قرأنا ( كلمته) بدلا (كلماته) على قراءة اصح تفرضها القرائن.
لذلك جاء القران ( تصديقا للكتاب ) البقرة 41 و 77 و 89 91 و 101 ؛ آل عمران 3 ؛ النساء 47 مائدة 46 ؛ الأنعام 92 ؛ يونس 37 ؛ يوسف 111 ؛ فاطر 31 ؛ الأحقاف 30 . الصف 6 .
( بل تعريب الكتاب ) : فهو ( تنزيل من الرحمن الرحيم : كتاب فصلت آياته فرانا عربيا ) فصلت 1 ؛ (كتاب أحكمت آياته ، ثم فصلت من لدن خبير حكيم ) هود 1 .
لذلك ( والكتاب المبين : إنا أنزلناه قرانا عربيا ) يوسف 1 .
فتفصيل الكتاب هو في لغته القران تعريبه مفصلا: ( ولولا جعلناه قرانا أعجميا لقالوا: لولا فصلت آياته ) فصلت 44.
فالقران ينتسب جملة وتفصيلا إلى الكتاب الإمام : ( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ) هود 17 ؛ الأحقاف 12 ؛ خصوصا إلى الكتاب المنير : ( فان كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير ) آل عمران 184.
فلا ينتسب إلى كتاب سماوي عند الله ، بل إلى كتاب الله على الأرض: ( قل : فآتوا بالتوراة فأتلوها ان كنتم صادقين ) آل عمران 933 ؛ والقران ( تنزيل رب العالمين ) لأنه ( في زبر الأولين ) الشعراء 193 –195.
وهو يفخر انه (يؤمن بالله وكلمته ) الأعراف 158 لان الإنجيل كلام الله على لسان كلمة الله : ففي المسيح توحد كلام الله وكلمة الله ؛ فصار كلمة الله كلام الله عينه الذاتي المنزل .
( المتقون ) في اصطلاح الكتاب والقران ، هم المؤمنون من الأميين بالكتاب المنزل ، كما في قوله : ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين … وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ) . البقرة 1 – 4 ؛ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. ال عمران 138 .
فالقران (هدي وموعظة للمتقين) من العرب ، كما أن الإنجيل (هدى وموعظة للمتقين) منهم . المائدة 46 .
والقران هو تعليم ( الكتاب والحكمة) اللذين استجمعهما المسيح، للعرب : ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ. البقرة 151 . كما طلب إبراهيم وإسماعيل لهم من ربهم ( البقرة 129).
وبتعليم القران العرب الكتاب والحكمة ، التوراة والإنجيل ، أنقذهم من ضلال مبين : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ . ال عمران 164 . قابل الجمة 2
فالقران هو تعليم (الكتاب والحكمة ، التوراة والإنجيل) كما نزلت على المسيح ( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ). ال عمران 48 .
10) فالمسيح في عرف القران نفسه ، خاتمة النبوة والكتاب
أولا: لان المسيح وحدة ( كلمة الله) كأنه كلام الله تجسد فيه ، فصار (كلمة الله) عين كلام الله . فالمسيح هو ( كلمة الله) الذاتية والمنزلة جميعا.
ثانيا : لان القران في تعاقب الأنبياء يجعل المسيح خاتمة الرسل : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) . البقرة 87 .
وميزة الختام معه تأييد الروح القدس له على الدوام في سيرته ودعوته ، لا في حال الوحي فقط كما عند سائر الأنبياء والرسل .
فهو (لم يفارقه ساعة) (يسير معه حيث سار ) . وفي المفاضلة بين الرسل يجعل تأييد المسيح بالمعجزات وبروح القدس : (وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ). البقرة 253 سبب فضله على غيره ( وجعل معجزاته سبب تفضيله لأنها آيات واضحات ، ومعجزات عظيمة لم يستجمعها غيره ) البيضاوي . فهذان التفضيل بالمعجزات ، والتخصيص بتأييد روح القدس برهان الختام في المسيح .
ولا نص في القران يقول ( بتقفية) رسول على المسيح .
يقولون: ان القران يصف محمد بانه (خاتم النبيين) ( رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب 40.
لكن نلاحظ دقة التعبير : فهو يقول ( خاَتم ) لا (ختامة) . وخاَتم هو ختم الصدق والتصديق.
وهذا هو المعنى المتواتر في القران بأنه ( تصديق الكتاب) ، وفي محمد بانه يصدق الكتاب في تفصيله للعرب () البقرة 41 و 77 و 89 91 و 101 ؛ آل عمران 3 ؛ النساء 47 مائدة 46 ؛ الأنعام 92 ؛ يونس 37 ؛ يوسف 111 ؛ فاطر 31 ؛ الأحقاف 30 . الصف 6 .
وعلى كل حال ، فالمسيح هو خاتم الأنبياء والأولياء في اليوم الآخر : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) . الزخرف 61 . فهو (علم) يشير إلى دنوها ؛ وهو (علم) لها تعرف به . ومن يكون كذلك حين الساعة الأخيرة من تاريخ البشرية فهو بالحقيقة خاتمة النبوة والكتاب .
تلك هي قيمة الكتاب عامة ، والإنجيل خاصة ،في نظر القران.
وفي آخر سورة ، وفي آخر آية تقريبا ، يضع الكتب الثلاثة في منزلة واحدة ، ( وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ ) . التوبة 111 .
لتلك الاعتبارات كلها ، والمتشابهات جميعها ، في تعبير (التنزيل) فعندما يذكر القران العربي تنزيله من الله ، لا نستبين طريقة تنزيل يقينا كقوله : ( الله الذي انزل الكتاب بالحق ، والميزان ) الشورى 17 . فالكتاب والميزان كلاهما تنزيل الله .
والقران نفسه ، الذي يؤكد مرارا وتكرارا تنزيله ، يجهل هو نفسه الطريقة : ( إنما انزل بعلم الله ) هود 14 ؛ فقد ( أنزله بعلمه ) النساء 156 .
اجل ان القران : ( تنزيل العزيز الرحيم ) يس 5 ، ( تنزيل من الرحمن الرحيم ) فصلت 2 ؛
( تنزيل من حكيم حميد ) فصلت 42 ؛ ( تنزيل من رب العالمين ) الواقعة 80 ؛ الحاقة 43 .
لكن طريقة التنزيل مجهولة او مطوية : ( إنما انزل بعلم الله ) الشعراء 192 ؛ النساء 156.
فالتشابه قائم في معنى التنزيل ، وفي طريقته : تلك هي النتيجة المحتومة الحاسمة لتلك القرائن القرآنية .
لذلك عندما يصرح : وانه لتنزيل رب العالمين …. وانه لفي زبر الأولين ) الشعراء 193-197
يصح ان نستنتج انه ان القران تنزيل من (زبر الأولين ) ، أي تفصيل الكتاب الذي قبله (يونس 37).
وعندما يؤكد : ( قل : نزله روح القدس من ربك بالحق ) النحل 102 لا يزل الإبهام في طريقة التنزيل ؛ ونتساءل ما سر قوله: (وانك لتلقي القران من لدن حكيم عليم) النمل 2 ؟ هل من جواب في تصريحه : ( فلا تكن في مرية من لقائه ، وجعلناه هدى لبني إسرائيل ، وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) السجدة 23-24 ؟ - وبنو إسرائيل الذين يقتدى بهداهم ويستشهد بهم هم ( النصارى) ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون ) الأعراف 158.
فهل ( الحكيم العليم) الذي يلقي القران على محمد هو الذي ينوه به في تصريحه: (وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) الأحقاف 10 ؟.
ذاك التساؤل ، وذاك الاستنتاج ، هما حق ؛ لان معنى التنزيل وطريقة التنزيل في القران هما من المتشابه فيه .
الذكر المحفوظ
ثانيا تعابير متشابهة عن مصدر القران العربي
هناك أربعة تعابير متشابهة عن مصدر القران العربي ، لا ترفع الابهام والغموض في معنى تنزيله .
تعبير أول : ( فلا ! اقسم بمواقع النجوم – وانه لقسم لو تعلمون عظيم – انه لقران كريم، في كتاب مكنون ، لا يمسه الا المطهرون ، تنزيل من رب العالمين ) الواقعة 75-80 .
ان القران الكريم هو ( في كتاب مكنون) . ولكن أين هو هذا (الكتاب المكنون) ؟ يقول: ( لا يمسه الا المطهرون) ؛ والطهارة في لغة القران تتعلق بجسد الإنسان اكثر من قلبه؛ (والله يحب المطهرين) التوبة 109 ، ( ويحب المتطهرين ) البقرة 222 ؛ فالتعبير ليس كناية عن الملائكة ، بل عن البشر المتطهرين ، المطهرين . وقوله : ( تنزيل من رب العالمين ) يدل على ان ( الكتاب المكنون) قد نزل ، وليس بعد في السماء ؛ إنما هو على الأرض ، لكن لا يمسه إلا المطهرون .
تعبير ثان
( بل هو قران مجيد، في لوح محفوظ) البروج 21-22.
هاتان الآيتان هما ختام حديث طويل عن أهل الأخدود ، شهداء نجران النصارى ؛ وختام حديث مقتضب يقتصر على الإشارة: (هل أتاك حديث الجنود ، فرعون وثمود). فكفر أهل مكة بالحديثين : ( بل الذين كفروا في تكذيب) حينئذ يرد عليهم بقوله: ( والله من ورائهم محيط ) ؛ ثم بقوله : ( بل هو قران مجيد في لوح محفوظ) . فسياق الحديث كله انه لا يصح لأهل مكة التكذيب به لانه ( في لوح محفوظ) ؛ هذا الاستشهاد بمصدر الحديث برهان على ان اللوح المحفوظ الذي يحويه هو على الأرض ، لانه لا يعقل أن يحيلهم إلى لوح محفوظ في السماء ، لا سبيل لهم اليه.
وليس من قرينة في الآية ، ولا في السورة كلها ، تدل على ان هذا اللوح محفوظ في السماء .
تعبير ثالث
( لكل اجل كتاب ، يمحو الله ما يشاء ويثبت ؛ وعنده ام الكتاب) الرعد 40-41 .
قالوا : ( أم الكتاب : اصله الذي لا يتغير منه شيء، وهو ما كتبه في الأزل ( الجلالان) .
هذا تعريف متناقض : ففي الأزل ، قبل الخلق ، ليس الله بحاجة ان يكتب لذاته، وليس من خلق ليكتب لهم . وهب ان الله عنده (لوح محفوظ) هو (ام الكتاب) الذي ينزل منه على خلقه: فكيف يمحو الله منه ما يشاء ويثبت ، في كل اجل ، عند تنزيل الكتاب؟ هل يبدأ الله ويعيد؟ فليس ( عنده ام الكتاب) في السماء منذ الأزل ، لان قوله : (يمحو الله ما يشاء ويثبت) من الكتاب بحسب كل اجل ، دليل على كتاب على الأرض ، لا على كتاب في السماء منذ الأزل، لان ما كتبه الله في الأزل لا يتغير منه شيء : لذلك فان ( ام الكتاب ) أي اصله الذي بموجبه ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) هو قابل للتبديل والنسخ ، والمحو الإثبات ؛ وهذا لا يصح الا في كتاب الله الذي على الأرض . فلا صلة (لام الكتاب ) بالسماء ولا بالأزل ؛ لان هذا يقول بقديمين : الله وكتابه الأزلي.
هذا ما يتضح من قوله أيضا : ( حم والكتاب المبين : إنا جعلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون! وانه في أم الكتاب لدينا ، لعلي حكيم) الزخرف 1-4 .يقسم على طريقة أهل الكتاب ( بالكتاب المبين) انه (جعله قرانا عربيا) . فالقران العربي ( مجعول ) ؛ والكتاب المبين قد جعل قرانا عربيا .
وبما ان القران العربي (تصديق الذي بين يديه) (قبله) وتفصيل الكتاب ، يونس 37 ؛ فالكتاب المبين الذي جعل قرانا عربيا هو (الذي بين يديه) أي قبله . وفي قوله : ( وانه في ام الكتاب لدينا، لعلي حكيم) ، إن لفظ (لدينا) قد يكون في السماء ، او على الأرض، فلا يقطع بمعنى كان وجوده.
فالتصريح لا يعني الا انه جعل الكتاب المبين الذي عند أهل الكتاب قرانا عربيا .ولئلا يطالب بإبراز ( ام الكتاب ) استدرك فقال : ( انه لدينا، لعلي حكيم) ، مثل قوله : ( في لوح محفوظ) ، ومثل قوله : (لا يمسه إلا المطهرون) أي انه لا يحل للمشركين ان يلمسوه .
ولما أحرجوه قال ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) ان (مثل) القران عند اهل الكتاب ، لا في السماء .
تعبير رابع
كلا ! انها تذكرة ، فمن شاء ذكره ، في صحف مكرمة ، مرفوعة مطهرة ،بأيدي سفرة، كرام بررة) عبس 11-16.
في هذا الوصف ، التصريح بالقران واصله : انه ذكر من
(الصحف المكرمة) . يقابله قوله : ( وان هذا لفي الصحف الأولى ، صحف إبراهيم وموسى) الأعلى 18-19؛ ويؤكده قوله : ( او لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ) ص 133 : فان (الصحف المكرمة) هي التي بين أيدي أهل الكتاب ، (مرفوعة ) عن الناس ، (مطهرة) من المشركين ، او من غير المتطهرين من الكتابيين .
وهو جواب لهم : ( بل يريد كل امرئ ان يؤتى صحفا منشرة ! – كلا ، بل لا يخافون الآخرة ! كلا ، انه تذكرة ، فمن شاء ذكره ) المدثر 53-55 ؛ فهو يجيب بأن (الصحف ) المذكورة التي ينقل عنها الذكر هي ( مرفوعة مطهرة) . هذا جواب للمشركين . وجوابه لليهود الكتابيين ، المطالبين (بالبينة : رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ، فيها كتب قيمة ) ؛ فيجيب : ( وما تفرق الذين أوتوا الكتاب (اليهود) إلا من بعد ما جاءتهم البينة) البينة 1-4 .
فمحمد (يتلو صحفا مطهرة، فيها كتب قيمة) ، والقران العربي (تذكرة) منها. ودليل ثالث من اسم (السفرة) : فهو نقل حرفي للكلمة العبرية (سوفريم) أي كتبة الكتاب؛ ومهنتهم المقدسة تجعلهم (كراما بررة) .
فالقران العربي تذكرة من الصحف المكرمة ، المرفوعة عن تداول العامة ، المطهرة من مس غير المطهرين ؛ وهي موجودة بأيدي (سفرة بررة) . فلا شيء من تلك الأوصاف كلها يوحي بأنها في السماء ن منذ الأزل .
ان القران العربي (تذكرة) من الكتاب الموجود عند أهل الكتاب.
ويقطع غموض تلك التعابير الأربعة تصريحه : ( وشهد شاهدا من بني إسرائيل على مثله ) أحقاف 10: فمثل القران هو عند بني إسرائيل النصارى ، لان اليهود من بني إسرائيل هم مع المشركين (شر البرية) البينة 1 فلا يستشهد بهم .
الذكر المحفوظ
ثالثا التصاريح القرآنية عن مصدر القران العربي
التصريح الأول : ان القران من ( الصحف الأولى ) .
انه تصريح ثلاثي ، لا يدع مجالا للشك في مصدره: ( ان هذا (القران) لفي الصحف الأولى ، صحف إبراهيم وموسى ) الأعلى 18-19 : ( او لم يتنبأ بما في صحف موسى، وإبراهيم الذي وفيّ ) النجم 37-38 ؛ ( او لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى) طه133. ان واقع نسبة القران العربي للصحف الأولى ،هو نبأ عن ذلك ، وهو بينة عليه .
وهذا التصريح الثلاثي يأتي في سورة (النجم 37-38) بعد وصف رؤيا ملاك الوحي في نزلتين ، مما يدل على ان القران العربي وحي من الصحف الأولى .
يؤيده قوله : ( هذا نذير من النذر الأولى) النجم 56.
فالقران العربي هو ( من الصحف الأولى ) ، ( من النذر الأولى).
التصريح الثاني : تنزيل رب العالمين هو في زبر الأولين .
التصريح الضخم الذي يعلن ان تنزيل رب العالمين في القران هو من زبر الأولين : ( وانه لتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الأمين ، بلسان عربي مبين ، على قلبك لتكون من المنذرين ن وانه لفي زبر الأولين : او لم يكن لهم آية ان يعلمه علماء بني إسرائيل) ؟ الشعراء 193-197.
بمقارنة هذا النص بتصريح (الشورى 52) يتضح ان الله أرسل إلى محمد (روحا من أمره) يصفه (بالروح الامين ) تمييزا عن غيره ، فخاطبه بلسان عربيا مبين ، وأمره بالايمان بالكتاب الذي جعله نورا يهدي به من يشاء من عباده .
وهذا الأمر بالايمان بالكتاب هو (تنزيل رب العالمين ، على قلبك لتكون من المنذرين).
والتنزيل الذي ينذر به ( هو في زبر الأولين) .
ويستشهد على ان القران العربي ( في زبر الأولين ) بشهادة (علماء بني إسرائيل ) أي (أولى العلم قائما بالقسط ) ، وهم النصارى من بني إسرائيل ، ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) الأعراف 158 قابل الصف 14 . فشهادة هؤلاء النصارى بان تنزيل رب العالمين في القران العربي ، هو من ( زبر الأولين) أي ( كتبهم كالتوراة والإنجيل) هي (آيه لهم) على صحة دعوة محمد بالقران العربي.
وهم يستطيعون ان يشهدوا على مطابقة القران العربي (للمثل ) الذي عندهم ، بين أيديهم ؛ لا لكتاب في السماء ، ما من سبيل لهم للوصول اليه .
فالقران العربي ينقل للعرب تنزيل رب العالمين من (زبر الأولين)، كما أمره الروح الأمين ، بلسان عربي مبين . هذا مصدره ، ومصدر تنزيله.
التصريح الثالث : إمامة الكتاب للقران العربي التصريح مزدوج في إمامة الكتاب للقران العربي : ( ومن قبله كتاب موسى إمام ورحمة : وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا) الأحقاف 12 . ومن قبله أيضا (الكتاب المنير) الذي يجادل المشركين بعلمه وهداه (لقمان 20 ؛ فاطر 25 ؛ الحج 8 ).
إن إمامة الكتاب، التوراة والإنجيل ، للقران العربي ، كاملة فلا يختلف عنه إلا (باللسان العربي) .
ويقتصر دور القران العربي على التصديق ( لسانا عربيا ) : هذه هي حاله. فالكتاب الذي عند أهل الكتاب هو مصدر القران: (وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) الأحقاف 10.
التصريح الرابع: أشراف أئمة الكتاب على تعريبه بالقران . يقول : ( ولقد آتينا موسى الكتاب : فلا تكن في مرية من لقائه ؛ وجعلناه هدى لنبي إسرائيل ؛ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) السجدة 23-24.
ان الله جعل الكتاب هدى لبني إسرائيل ؛ وجعل منهم أئمة يهدون بأمره تعالى الى هدى الكتاب ؛ فما على محمد ان يشك في لقائه الكتاب ، بواسطتهم .
وهؤلاء الأئمة هم ( الراسخون في العلم ) ، من ( اولي العلم قائما بالقسط) أي النصارى من بني إسرائيل) الأعراف 158 والصف 14.
فهؤلاء الأئمة النصارى هم الذين يشرفون على لقاء محمد بالكتاب ، وعلى نقل الكتاب الى القران العربي : ( وانه لتنزيل رب العالمين …. وانه لفي زبر الأولين: او لم تن لهم آية ان يعلمه علماء بني إسرائيل ) الشعراء 193 –197 . فالشهادات متواترة مؤتلفة ويدل على أشراف أئمة النصارى على نقل الكتاب إلى القران العربي تصريحه بأن القران نفسه (هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ) العنكبوت 47 ؛ وتصريحه بأن (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ) الأنعام 20 ؛ البقرة 146 أي معرفة أبوية مصدرية .
تصريح خامس : مرادفات (التنزيل) في لغة القران من متشابهاته ، فلا يقطع بمعنى محدود. والان نرى ان مرادفاته لا تساعد على تحديد معناه .
1) التنزيل هو تيسير القران للعرب :
( ولقد يسرنا القران للذكر ، فهل من مذكر) القمر 17 و23 و32 و40) . فهو تيسير عربي لذلك الكتاب : ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين، وتنذر قوما لدا) مريم 97 ؛ (فإنما يسرناه بلسانك ، لعلهم يتذكرون) الدخان 58. لاحظ دقة التعبير (يسرناه بلسانك) .
2) التنزيل هو تصريف الآيات في القران للعرب :
( ولقد صرفناه بينهم ليذكروا ) الفرقان 50.
لقد صرفه ، وصرف فيه : ( ولقد صرفنا في هذا القران ليذكروا) الإسراء 41 .
وصرف فيه من كل مثل : (ولقد صرفنا في هذا القران للناس من كل مثل) الكهف 55.
وبيانه بالأمثال لم يحملهم على الهداية : (ولقد صرفنا في هذا القران للناس من كل مثل ، فأبى اكثر الناس الا كفورا ) الإسراء 89 ؛ كما ( صرفنا فيه من الوعيد ، لعلهم يتقون او يحدث لهم ذكرا) طه 113 . فالتعريف دليل المقدرة البيانية ، ولا يحمل معنى التنزيل : ( وكذلك نصرف الآيات ) الأنعام 105 ؛ الأعراف 57 .
فالتصريف في البيان والتبيين ، ولا يقطع بمعنى الوحي والتنزيل: (انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون ) الأنعام 46 .
3) التنزيل هو تبيين آيات الله للعرب :
( يبين الله لكم الآيات ) (البقرة 219 و266 ؛ النور 18 و 58 و61) ؛ ( يبين الله لكم آياته ) (البقرة 242 ؛ ال عمران 103 ؛ مائدة 92 ؛ نور 59).
والتبيين يتعلق بلسان القوم اكثر منه بالتنزيل : ( وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم ) إبراهيم 4 . وموضوع هذا البيان نوعان ؛ الأول : ( وما أنزلنا عليك الكتاب الا لتبيين لهم ما اختلفوا فيه ) النحل 64 ؛ والثاني : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبيين للناس ما انزل إليهم ، ولعلهم يتفكرون) النحل 44.
فالقران هو بيان الكتاب الذي انزل إليهم واختلفوا فيه إلى يهود ونصارى (النمل 76) .
وهو أيضا بيان للعرب : ( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ) النساء 25 .
فالقران هو تبيان الكتاب المنزل قبله ، بلسان محمد ، ولسان قومه .
4) التنزيل هو ( تفصيل الكتاب) المنزل من قبل : ( وما كان هذا القران ان يفترى من دون الله ؛ ولكن تصديق الذي بين يديه (قبله) وتفصيل الكتاب ، لا ريب فيه ، من رب العالمين ) يونس 37. وهو يفصل جملة وتفصيلا : ( وكذلك تفصل الآيات ) أنعام 55 ؛ أعراف 31 و 173 ؛ يونس 24 ؛ الروم 28 ) . فالصلة القائمة بين الكتاب والقران ، هي صلة التنزيل في الكتاب بتفصيله في القران : ( تنزيل من الرحمان الرحيم ، كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا ) أي عربت (فصلت 2-3) ؛ فالتنزيل (كتاب أحكمت آياته، ثم فصلت من لدن خبير حكيم ) هود 1 .
فالتفصيل في لغة القران يعني التعريب : ( ولو جعلناه قرانا أعجميا لقالوا : لولا فصلت آياته ) فصلت 44 .
وهذا هو القول الفصل في معنى التنزيل في القران : انه (تفصيل الكتاب) أي تعريب الكتاب بحسب (المثل) الأحقاف10 .
فقوله : ( وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا) النحل 113 يعني : ( انا جعلناه قرآنا عربيا) الزخرف 2-3 .
فالقران العربي هو نقل الكتاب المنزل قبله الى العربية بالتيسير ، والتصريف ، والتبيين ، والتفصيل ، أي بالتعريب؛ وقوله المتواتر (أنزلناه) يعني (جعلناه) . هذا هو تنزيل القران بلغته واصطلاحه .
التصريح السابع : وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله .