************************************************
مقدمة
هذا العمل بمثابة تكملة أو جزء ثانٍ لبحثي السابق مع ابن المقفع (الهاجادة وأبوكريفا العهد القديم مصدر رئيسي لأساطير ومعتقدات الإسلام)، فقد اكتشفت بعدما درست ومحصت كل الترجمات المتوفرة إلى الإنجليزية لأسفار الأبوكريفا المسيحية، وهي كم ضخم يزيد عن الألف صفحة، أن بعض أسفار الأبوكريفا المسيحية قد أخذ منها محمد الكثير ومنها تكونت قصة إسرائه إلى السماوات وما رآه فيهن والكثير من العقائد والأساطير والأوصاف عن يوم القيامة والجنة والجحيم وعدو المسيح أو المسيح الكذاب وغيرها، فإن آيات قرآنية وأحاديث معينة مأخوذة كنقل مباشر من هؤلاء الأسفار، وهؤلاء الأسفار معدودات على أصابع اليدين عموماً ويتسم معظمهن بالعثور على نسخ ترجمات عربية منهن، هؤلاء الأسفار اللواتي درستهن وقارنتهن هن: رؤيا بطرس ورؤيا بولس ووصية إبراهيم ورؤيا إيليّا وأسئلة برثولماوس ورؤيا القديس يوحنا الأبوكريفية وكتاب قيامة المسيح القبطي، ومن مخطوطات نجع حمادي باللغة القبطية المكتشفة: المقال الثاني لشيث العظيم ورؤيا بطرس الغنوسية، ولا شك أني أول شخص يقوم بهكذا دراسة مقارنة وترجمة، ومن العجيب كيف أن أحداً لم يلحظ أولئك الاقتباسات التي تكاد تكون سرداً بحذافيره مختصراً، عدا مقارنة كلير تسدل بين وصية إبراهيم وحديث الإسراء، وقد أشار في كتابه مصادر الإسلام لرؤيا بولس وأنها من مصادر أسطورة معراج محمد، لكنه لم يحاول عقد المقارنة بينها وبين القرآن والأحاديث، ولا يبدو أن اكتشف أنها المصدر الأساسي لها.
إن الكثيرين سواء من المسيحيين أو الملحدين من أصل مسيحي وكذلك مسلم، تطرقوا إلى مسألة واحدة حصريا وهي شخصية المسيح في الإسلام وأساطيرها به وأصل ذلك من الكتب الأبوكريفية، وكذلك أصل مسألة التوحيد ونفي تأليه المسيح ونفي صلبه وإلقاء الشبه على غيره، لو قارنا ذلك بعدم مقارنتهم في مجال الأخرويات بين الأبوكريفا المسيحية ونصوص الإسلام، لقلنا أنها تكاد تكون حالة هوس بشخصية مسيح الناصرة، وقد آثرت عرض أهم المقالات الشهيرة بهذا المجال إذ قد قتل بحثاً بحيث لا يمكن قولي شيئاً جديداً فيه.
كما قدمت هنا _استدراكاً على بحث (الهاجادة وأبوكريفا العهد القديم مصدر) السابق_ أصل قصة معصية أو سقوط آدم من الأبوكريفا المسيحية سفر حياة آدم وحواء اليوناني ورؤيا برثولماوس، إذ كنت قدمتها مختصرة فيه للضرورة نقلاً عن كتاب لويس جينزبرج أساطير اليهود بتلخيصه لقصتي السفرين، ورغم أن سفر حياة آدم وحواء مسيحي بعناصره كبحيرة أخيروسيا وغيرها، لكنه اصطلاحاً يعتبر ضمن أبوكريفا العهد القديم.
والكتاب بما فيه من بحوث قوية لنخبة من علماء الأديان، بما فيه بحثي الجديدين والمعلومات الجديدة منهما عن أصل الكثير من أساطير وعقائد الإسلام المقتبسة من أسفار أبوكريفا العهد الجديد بصدد الأخرويات وصفات المسيح الكذاب، يسلط ضوءاً جديداً وقوياً على كيفية تكون عقائد الإسلام ونصوصه وما اقتبسه محمد مؤسس ذ لك الدين الذي قدر له السيادة على منطقة الشرق الأوسط، والذي يعد واحداً من أهم أديان وميثيولوجيات العالم وأكثرها انتشاراُ.
هرطقة باسيليدس الغنوسية عن صلب سمعان الكيرنوي بدل المسيح مصدر لعقيدة القرآن وترجمة لنصين من مخطوطات نجع حمادي
لم يأتِ الدين الإسلامي بجديد حين رفض أهمّ العقائد المسيحيّة و هي صلب المسيح وفقاً لعقيدة الصلب للإله المتجسد فداءً للبشرية من خطاياهم. سنعرض هنا لمسألة إنكار حقيقة الصلب في الإسلام وما قبله لدى بعض البدع المسيحيّة. والتي تبناها الإسلام لرفض محمد فكرة التثليث التي رآها مثلما رآها اليهود عقيدة شركية ولذلك فضل نفي قصة الصلب نفسها على طريقة الغنوسيين، وإن كان نفيهم لأسباب لاهوتية مختلفة عن أسباب محمد فهم لأنهم رأوا استحالة تجسد الإله في المادة التي هي عندهم الشر، أما محمد فلهدم عقيدة تأليه المسيح وفكرة الصلب والفداء من أساسها وفي نفس الوقت مدخلاً المسيح الناصري مؤسس المسيحية كنبي من أنبياء القرآن بشكل توفيقي.
فمنذ القرن الأوّل للمسيحيّة حارب القدّيس اغناتيوس الأنطاكي في كتاباته البدعة المسمّاة بـ"المشبّهة أو الظاهرية" الذين كانوا يعتقدون أنّ يسوع قد صلب وتألّم ظاهريّاً فقط. فيؤكّد القدّيس حقيقة التجسّد والصلب والقيامة.
كذلك حارب القدّيس إريناوس أسقف ليون (202م) في كتاباته بدعة باسيليدس الذي كان يعتقد أنّ المسيح لم يُصلب، بل سمعان الكيرنويّ (نسبة إلى كيرنية وهي مدينة بليبيا،أو القيروانيّ كما في الترجمة العربية لإنجيل مرقس15: 21) هو مَن صُلب مكانه. فيقول باسيليدس: "وسمعان هو الذي صُلب جهلاً وخطأ، بعد أن تغيّرت هيأته فصار شبيهاً بيسوع، بينما تحوّل يسوع إلى هيئة سمعان"
ثمّ يأتي الدين الإسلاميّ فيرفض الصلب في آية واحدة من القرآن هي الآية 157من سورة النساء التي تقول: "وقولهم (أي اليهود) إنّا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله، وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم. وإنّ الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه، ما لهم به من علم إلاّ اتّباع الظنّ وما قتلوه يقيناً". فنجد في الآية القرآنيّة، للوهلة الأولى، ترداداً لألفاظ استعملها الهراطقة المسيحيّون ناكرو الصليب، كلفظ "شبّه" و"ما قتلوه يقيناً". من هنا، يسعنا القول إنّ واضع القرآن، في هذه المسألة تحديداً، تبنّى تعاليم الغنوسيين. والقرآن لا يورد تفاصيل في كيفيّة إنقاذ المسيح من الصلب.
أهم جزء مما يرويه إريناوس (120-202م) عن حركة باسيليدس الغنوسية:
Irenaeus [A.D. 120–202.] Against Heresies: Book I / Chapter XXIV.—Doctrines of Saturninus and Basilides
ترجمة مرشد إلى الإلحاد
من كتاب: ضد الهرطقات/ السفر الأول/ الفصل 24/ تعاليم ساتورنينُس وباسيليدس
4- هؤلاء الملائكة الذين يشغلون أدنى سماء، أي المرئية لنا، شكلوا كلَّ الأشياء التي في العالم، ووزعوا حصصاً بين أنفسهم من الأرض وأولئك الأمم اللاتي عليها. رئيسهم هو الذي يُعتَقَد بأنه إله اليهود، وبما أنه رغب في جعل كل الأمم الأُخَر خاضعة لشعبه_أي اليهود_ عارضه وقاومه كلُّ الأمراء الآخرين. لذلك كانت كل الأمم الأخر في عداوة مع أمته. لكن الأبَّ الذي بلا ميلاد ولا اسم، مدركاً أنهم سيهلكون، أرسل ابنَه البِكرَ الـ ناووس [العقل Naus] الذي يُدعَى المسيح ليعطيَ الخلاصَ لمن يؤمنون به، من سلطانِ الذين عمَلُوا العالمَ. لقد ظهر_حينئذٍ_على الأرض كإنسان، لأمم هؤلاء القوى، وعمل المعجزات. ولذا لم يعانِ هو نفسه الموتَ، بل سمعان، رجل معين من قيرنية_مُجبَرَاً_حملَ الصليبَ بدلاً عنه، لذا مُغَيِّراً شكلَ هذا الأخيرِ من قِبَلِه_لكي يُظَنَّ أنه يسوع_صُلِب_من خلال الجهل والخطأ_بينما تلقى يسوعُ نفسُه شكلَ سمعان، و_واقفاً جانباً_ضحك عليهم لأنه كان قوة روحية، وناووس[عقل] الأب الغير مولود، لقد غيَّرَ شكلَه كما يودُّ، وهكذا صعد إلى الذي أرسلَه، ساخراً منهم، بما أنه لا يمكن أن يوضَعَ في الأسر، وكان غيرَ مرئيٍّ للجميع. لذا فالذين يعلمون أولئك الأشياءَ قد حُرِّرُوا من إماراتِ الذين شكَّلُوا العالمَ، لذا فليس فرضاً علينا أن نعترفَ بالذي صُلِبَ، بل بالذي جاء في شكل إنسان، واعْتُقِدَ بأنه صُلِبَ، والذي دُعِيَ يسوع، وأُرْسِلَ من الأبِّ، إذ بهذا التدبير الإلهيّ دمَّرَ أعمالَ صانعي العالم، لذا صرَّحَ بأنه إذا اعترف أي واحد بالمصلوب، فهذا الأنسان ما زال عبداً، وتحت سلطان الذين شكّلُوا الأجسادَ، لكن من ينكره قد حُرِّرَ من أولئك الكائنات، وأُطْلِعَ على التدبير الإلهيّ للأب الغير مولود.
قطعة من الترجمة الإنجليزية للسفر الغنوسي المسمى الرسالة الثانية لشيث العظيم من مخطوطات نجع حمادي المكتشفة التي تعود إلى 350-400م، ويبدو أنه من كتابات باسيليدس:
From The Second Treatise of the Great Seth
ترجمة مرشد إلى الإلحاد
والخطة التي دبروها بصددي لتحرير خطئهم وحماقتهم، أنا لم أخضع لهم كما قد خططوا. بل لم أُبْتَلَ على الإطلاق. الذين كانوا هناك بطشوا بي. ولم أمت في الحقيقة بل في الظاهر، خشية أن أوُضَعَ في الخزي بسببهم لأنهم أسرتي. لقد أزلتُ الخزيَ عني ولم أصِرْ ضعيفَ القلب في وجه ما حدث لي على أياديهم. لقد كنتُ على وشك الاستسلام للخوف، ولقد تعذبت وفقاً لرؤيتهم وظنهم لكي لا يجدوا أبداً أيَّ كلمةٍ للحديث عنهم. لأن موتي_الذي ظنوه قد حدث_[قد حدث] لهم في إثمهم وعماهم، إذ سَمَّروا رَجُلَهم إلى موتِهم. لأن إنُّوياتهم [أفكارهم their Ennoias] لم ترَني، لأنهم كانوا صماً وعمياناً. لكن في فعل هؤلاء الأشياءِ، قد أدانوا نفوسهم. أجل، لقد رأوني، بطشوا بي. لقد كان آخَرَ، أباهم، الذي شربَ المرَّ والخل، لم يكن أنا. لقد ضربوني بالقصبة، كان آخَرَ: سمعان، الذي حمل الصليبَ على كاهله. لقد كان آخَرَ الذي وضعوا عليه تاجَ الأشواك. لكني كنتُ أبتهج في العُلا فوق كل ثروة الحكام [الأراكنةarchons ] وذريةِ إثمِهم، [ذرية] مجدِهم الفارغ. وكنتُ أضحك على جهلهم.
ولقد أخضعتُ كلَّ قواهم، إذ حين نزلت، لم يرني أحدٌ. إذ كنتُ أبدل أشكالي، متغيراً من هيئة إلى هيئة. ولذا، حين كنتُ عند بواباتهم، انتحلت شكلهم. إذْ تجاوزتُ بهدوء، وكنت أرى الأماكن، ولم أَخَفْ ولا خَزِيِتُ، لأني كنتُ غير مدنس [غير جسديّ]. وكنت أتحدث معهم، وكنت أختلط بهم بواسطة الذين لي، ودائساً على الذين كانوا أفظاظاً معهم بحميَّةٍ، وأخمدتُ اللهبَ، وكنت أفعل كلَّ هؤلاء الأشياءِ لأجل رغبتي لأنجزَ ما رغبتُ بمشيئةِ الأب السماويّ.
ملاحظات:
قوله أسرتي يقصد النص بها بني إسرائيل قومه، والجملة تأتي بعد حديثه عن الدهور أو الأيونات الشريرة مما قد يثير اللبس.
قوله أباهم يعني الجسد الذي هو المادة حيث الجسد والمادة هي أساس الشر عند معظم طوائف الغنوسيين.
- واعتقد آخرون من طوائف الغنوسيين، أن روح المسيح الحي حلت على جسد يسوع، وفارقته عند الصلب، فلم يصلبوا سوى المادة الجسد التي هي شر عند الغنوسيين وأصل الشرور.
كيرنث، وكربوكراتيس (نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني الميلادي):
قال إرنايوس عنهما: أنهما نفيا خلق الله للعالم وإنما من قوى إلهية لا علاقة لها بالرب الأول الغير معلن عنه وأنكرا ولادة يسوع من الروح القدس(وفقاً لرواية الإنجيل) وإنما هو ابن طبيعي ليوسف النجار ومريم مثل باقي البشر ولكن بعد أن تعمد في نهر الأردن أمام يوحنا المعمدان ونزلت الروح العليا " المسيح " في صورة حمامة على كتفه، أي إن يسوع أصبح في نفس الوقت المسيح، وفي النهاية انفصل المسيح عن يسوع وصلب يسوع أما المسيح فرجع لحالته الأولى.
أوفيتين:
يمكن تلخيص أفكاره في النقاط التالية (وفقاً لرواية الأب " إرنايوس")
في البدء كان هناك 7 عناصر، منها ثلاث كائنات إلهية:
(1) النور الأول الأزلي وهو بمثابة الإنسان الأزلي العتيق وهو غير محدود وهو الأب الأول
(2) الإنسان الابن وهو الإنسان الثاني ويدعى " الفكر" (إنويا) خرج من الأول رغم أن كلمة إنويا في اليونانية مؤنث
(3) الروح القدس ذات طبيعة أنثوية وتحتل مكانها بين الآخرين.
وأربعة عناصر مادية :
الماء والظلام والفوضى الأولى والهاوية(حرفياً تعني " لا أرض" في النص اليوناني)
تتحد الكائنات الالهية الثلاث وتنجب الإنسان الثالث " المسيح"
بعدها دخلت الأم والابن (المسيح) عالم أبدي مكنون( إيون) ومقدس وهو يكافئ الكنيسة الحقيقية السماوية، وهنا تأسس اليمين واليسار فأخذ المسيح على الفور الميمنة، أما الأم والتي لم تكن تستطيع حمل النور العظيم اتجهت لليسار ففاض النور الذي تحمله لليسار ونزل للأسفل فكان كيان مزدوج الجنس (ذكر وأنثى) تدعى صوفيا (الحكمة) وكيان آخر أنثوي يدعى (برونيكوس) أي الشهوة، نزلا في الماء (الماء هنا تعبير عن المادة الشريرة) حتى القاع فأصبح لهم جسدان وحاولا الخروج من الماء فلم يستطيعا بسبب ثقل الجسد لكن بفعل قوة مرسلة من النور الأول استطاعا الخروج من الماء وبفعل المزيد من الطاقة تخلصا من ثقل الجسد.
وتلد الأم ولدا بأنفاسها ويدعى " يلداباوت" أي ابن الهيولي في العبرية لكنه عند فالنتينوس بمعنى " نفس العالم"
ويلد " يلداباوت" ولداً ، وهذا الولد يلد ولداً.. وهكذا حتى وصل العدد إلى ستة من الأولاد فأصبح مجموع الجيل الأخير 7 بأضافة يلداباوت (اسماء الأولاد (القوى) السبعةعلى التوالى: يلداباوت، ياو، سبعوت، ادونيوس، الويوس، أوريوس، أستافايوس)، هؤلاء السبعة أصحاب السبع درجات (أو منازل) قاموا بخلق السماء والأرواح والملائكة وبقيت الأم في المنزلة الثامنة العليا.
بسبب الصراع على السلطة يحزن يلداباوت ونظر لقاع المادة وتجسدت رغبته فيها ولداً يدعى " نوس" أو " نون" كان يحمل عناصر الروح والعناصر الأرضية و يتلوى مثل الثعبان به روح الشر والغيرة والحسد والموت. وحدث أن صرخ يلداباوت بأنه كل شيء ولا شيء فوقه ومن الأعالي صرخت الأم" لا تكذب يا يلداباوت فوقك الأب الإنسان الأول والإنسان ابن الإنسان الأول.
وبحث يلداباوت عن مصدر الصوت فلم يعرف فقرر هو وباقي أحفاده الستة أن يخلقوا إنسان على شاكلتهم بنفس الطول والعرض ولكي يجعلوه خاويا من " التعقل" خلقوا له حواء
وبعد حكاية الغواية والأكل من الشجرة المحرمة يطرد الإنسان وحواء من الجنة.
كان ذلك إختصاراً لأهم عناصر الأسطورة الاوفيتينية وفقا لرواية الأب " إرنايوس" فالحكاية مليئة بالتفاصيل الكثيرة، لكن يهمنا هنا هو التأسيس لفصل خلق العالم عن القوى الإلهية الأولى وترك خلق العالم في يد يلداباوت والقوى التي خرجت منه وهي قوى ماكرة وأقل مرتبة من الأب الأول.التأكيد على إن المسيح كان موجود منذ الأبد وهو نتاج تزاوج العناصر الإلهية الثلاثة الأولى: الأب الأول والابن (إنويا) الفكر والأم الروح القدس. وعن طبيعة يسوع فهي أرضية لكنه مقدس لكونه خرج من مريم المقدسة نزل المسيح عليه وتجسد فيه وقبل صلب يسوع انفصل المسيح عنه ورجع للسماء ولكنه لم ينسه ومده بقوة منه.
وسوف نلاحظ أن هذه التصورات صيغت بشكل يختلف قليلاً في أفكار الشتية وجماعة باربلوا الغنوسية.
من مخطوطات نجع حمادي المكتشفة، نترجم نص من النصوص التي احتوت على تلك العقيدة:
رؤيا بطرس (الغنوسية) باللغة القبطية
(Agnostic) Apocalypse of Peter
Translated to English by James Brashler and Roger A.Bullard
حين كان المخلص جالساً في الهيكل في السنة الثلاثمئة من العهد وموافقة العمود العاشر, وكان راضياً عن عدد الأحياء, النزيهين العظماء, قال لي : "بطرس, مباركون الذين هم فوق منتمين للآب, الذي كشف الحياة لمن هم من الحياة, من خلالي, حيث أني ذكّرت الذين يبنون على ما هو قوي, لكي يسمعوا كلامي، ويفرقوا بين كلمات الفساد وانتهاك الشريعة وبين الصلاح, لكونها من فوق من كل كلمة للبليروما (المِلأ أو الكلية) الحق هذا، مستنيرة برضا الذي تنشده المبادئ. لكنهم لم يجدوه, ولم يذكر في أي من أجيال الأنبياء. وقد ظهر الآن بين هؤلاء, الذي فيه ظهر, ابن الإنسان، الذي مُجدَ فوق السماوات في خوف الإنسان من شبه الجوهر. لكنك أنت, يا بطرس, أصبحت كاملاً منسجماً مع اسمك ونفسي, الذي اختارك, لأنه منك أسست قاعدة بقايا من استدعيت للمعرفة. لهذا كن قوياً إلى حين تزييف الصلاح- من الذي يستدعيك، مستدعياً إياك لمعرفته بطريقة تستحق الفعل بسبب الرفض الذي حدث له, ورُبَط يديه ورجليه, والتاج من الذين في منطقة الوسط, وجسد شعاعه الذي أحضروه على أمل الخدمة بسبب جائزة الشرف، لأنه كان على وشك أن ينكرك ثلاث مرات في هذه الليلة".
وبينما كان يقول هذه الأشياء، رأيت الكهنة والشعب يركضون نحونا حاملين حجارة, كما لو كانوا سيقتلوننا, وكنت خائفاً من أن نموت.
وقال لي ," بطرس, لقد اخبرتك مرات عديدة أنهم عميان بلا هادٍ. إذا أردت أن تعرف عماهم, ضع يديك على عينينك وقل ما الذي تراه."
لكن عندما فعلت ذلك, لم أر شيئا. قلت: " لا أحد يرى ( بهذه الطريقة)."
ومرة اخرى قال لي " افعل هذا ثانية."
وحل بي خوف وبهجة , لأني رأيت نوراً جديداً أعظم من نور النهار. ثم نزل على المخلص . وأخبرته عن أولئك الأشياء اللواتي رأيتهن.
وقال لي مرة اخرى: " ارفع يديك واسمع لما يقوله الكهنة والشعب."
وسمعت الكهنة وهم جالسون مع الكتبة . والعامة يصرخون.
وحين سمع أولئك الأشياء مني قال لي," أصغ أذنيك واستمع للأشياء التي يقولونها."
وسمعت مرة اخرى: " فيما أنت جالس, فإنهم يمجدونك".
وحين قلت أولئك الأشياء, قال المخلص: " لقد أخبرتك أن هؤلاء الشعب عميان وصم. والآن, استمع للأشياء التي يقولونها لك بالغموض, واحرسهم, ولا تخبرها لأبناء هذا الجيل. لأنهم سوف يجدفونك في هذه الأجيال حيث أنهم جهلة بك, لكنهم سيمتدحونك في المعرفة."
" لأن الكثيرين سيقبلون تعاليمنا في البداية. وسيبتعدون عنها مرة اخرى بمشيئة الآب بسبب خطيئتهم, لأنهم فعلوا ما أراده. وسيكشفهم في يوم دينونته . أعني، خدام الكلمة . لكن من اختلطوا بهؤلاء سيصبحون سجانيهم, لأنهم من غير إدراك. والأمين, الخير, الطاهر الذي يدفعونه إلى صانع الموت, وإلى مملكة الذين يمجدون المسيح في بعث. ويمجدون رجال نشر الباطل , فهؤلاء سيأتون بعدك. وسوف يلتصقون باسم رجل ميت, ظانين أنهم سيصبحون طاهرين. ولكنهم سيصيرون مدنسين جداً وسيسقطون في اسم خطيئة, وفي رجل شرير وماكر وعقائد متعددة, وسيُحكمون بلا شريعة."
"لأن بعضهم سيجدف على الحقيقة وينادي بتعاليم شريرة. وسيقولون أشياء شريرة ضد بعضهم البعض. والبعض سيدعون ) أولئك ) الذين يقفون في ( الـ) قوة الملائكة , لرجل وامرأة عارية متعددة وخاضعة لكثير من الآلام. وهؤلاء الذين يقولون أشياء سيسألون عن الأحلام. وإذا قالوا أن الحلم جاء من جان يستحقون خطيئتهم، وسيعطون بعد ذلك هلاكاً بدلاً من النزاهة.
"لأن الشر لا يقدر أن ينتج ثماراً جيدة. لذا فإن المكان الذي يُنتَجون منه هو مثله، لأن ليس كل روح من الحق, ولا من الأبدية . لأن كل روح من هذه الأجيال قد عين لها الموت حسب رأينا, لأنها دائماً عبدة, حيث أنها خلقت من أجل رغباتها ودمارها الأبدي، الذي هم فيه ومنه. إنهم يحبون مخلوقات المادة التي جاءت معهم."
"لكن الأرواح الأبدية ليست كتلك, يا بطرس. لكنها بالحقيقة, طالما أن الساعة لم تأتِ بعد, فإنهن سيشبهن الفانيات, بل لن يكشف لهن طبيعتهن، وتفكرن حول الخلود، لديهن ايمان, ورغبة في التبرؤ من أولئك الأشياء."
"لأن الناس لا تجمع التين من الشوك أو الحسك, لو كانوا حكماء, ولا العنب من الشوك. لأنه, من جهة, فإن الذي يصير دائماً فيما هو منه, كونه من الفاسد, الذي يصير دماراً له وموتاً. لكن الذي يشرع أن يكون في الأبدي هو امرؤ الحياة وأبدية الحياة التي تشبههم.
" لهذا فإن كل ما يوجد لن يتحلل إلى ما لا يوجد. لأن الصم والعمي ينضمون فقط مع من هم مثلهم."
" لكن الآخرين سيتغيرون من كلمات شريرة وغوامض مضلة. البعض ممن لا يفهم الغموض يتحدثون بأمور لا يفهمونها, لكنهم سيتفاخرون بأن غموض الحقيقة هو ملك لهم فقط. وبغطرسة سيؤسرون للغرور ليحسدوا الروح الخالدة التي قد صارت ثمرة. لأن كل سلطان, وحكم, وقوة للدهور يتمنى أن يكون مع هؤلاء في خلق العالم, لأن من ليسوا كذلك, قد نسوا من قبل الذين هم كذلك, ليمجدوهم , على الرغم من أنهم لم يخلصوا, ولا أحضروا إلى السبيل من قبلهم, متمنين دائماً أن يصيروا خالدين. إذ لو استقبلت الروح الخالدة قوة في روح مفكرة، بل في الحال انضم كل منهم مع واحد من الذين أضلوهم.
"لكن كثيرون آخرين, ممن يعارضون الحقيقة وهم رسل الإثم, سينصبون آثامهم وشريعتهم ضد عقائدي النقية هذه, كمن ينظر من منظور معتقداً أن الخير والشر من (مصدر) واحد. إنهم يتاجرون بكلمتي. وسوف ينتج عن ذلك قدر مؤلم. جنس الأرواح الخالدة سيذهب فيه إلى الهباء, حتى يوم مجيئي, إذ سيخرجون منهم، ومسامحتي لآثامهم، التي بها سقطوا من خلال خصومهم، الذين حصلت على فديتهم من العبودية التي كانوا فيها, لأعطيهم الحرية ليعملوا تقليداً باق باسم الرجل الميت, من هو هرمس, المولود الأول للفساد, لكي لا يصدق ذلك النور الموجود من قبل الصغار. لكن الذين من هذا النوع هم العمال الذي سيطرحون الى الظلام الخارجي، بعيداً عن أبناء النور. إذ لا هم سيدخلون, ولا سمحوا للذين يصعدون علواً لينالوا الموافقة على تحريرهم."
"ولا يزال آخرون منهم ممن يعانون يعتقدون أنهم سيكملون حكمة الأخوة الموجودة فعلياً, التي هي رفقة روحية لمن اتحدوا في تشارك, الذي من خلاله زفاف النزاهة سيكشف. الجنس المماثل سيظهر كزيف. هؤلاء هم من يحزنون إخوتهم, قائلين لهم: " من خلال هذه فإن إلهنا له رحمة, إذ الخلاص جاء إلينا من خلال هذه" غير عارفين عقاب الذين جُعِلوا سعداء من قبل من فعل هذا الشيء للصغار الذين رأوهم, [و] من أخذوهم رهائن."
"وسيكون هناك آخرون من الذين هم خارج عدادنا الذين يسمون أنفسهم أساقفة وكذلك شمامسة, كما لو أنهم استلموا سلطتهم من الله. إنهم يحنون أنفسهم تحت حكم القادة. هؤلاء الناس هم قنوات جافة".
لكنني قلت: " إنني خائف لأجل ما قلته لي، إن الصغار حقاً في نظرنا هم المزيفون, حقاً, إن هناك جموعاً سيضلون جموعاً أخر من الأحياء، ويدمرونهم بينهم. وحين ينطقون اسمك سيُصَدقون."
قال المخلص: "لوقت محدد لهم بالنسبة إلى إثمهم فسيحكمون الصغار. وبعد اكتمال الخطأ, سيصبح الكبير أبداً شاباً، وسيحكمون (الصغار) الذين هم حكامهم. فانه سوف ينتزع جذور خطئهم, وسيضعها في عار بحيث ستظهر في كل الوقاحة التي زعمتها لنفسها. ومثل هؤلاء سيصيرون غير متغيرين, يا بطرس."
"لهذا فتعال, دعنا نذهب مع كمال إرادة الأب غير القابل للفساد. إذ انظر, هؤلاء الذين سيحضرون لهم الدينونة قادمون، وسيضعونهم في العار. ولكن أنا لا يستطيعون أن يلمسوني. وأنت, يا بطرس, ستقف في وسطهم. لا تخف بسبب جبنك. فإن عقولهم ستغلق, لأن الخفي قد ضادَّهم."
حين قال هذه الأشياء , رأيته في ما يبدو محاصراً من قبلهم. وقلت: " ماذا أرى, يا رب؟ إنه أنت نفسك الذي أخذوه, وذلك أنت تمسك بي؟ أو من هذا، المبتهج الذي يضحك على الشجرة؟ وهل هو آخر من دقوا يديه ورجليه؟"
قال المخلص لي: " الذي رأيته على الشجرة, مبتهجاً وضاحكاً , هو يسوع الحي. لكن الذي اخترقت المسامير يديه ورجليه هو جزؤه الجسدي, الذي هو كائن بديل وُضِع في العار, الذي جاء للوجود شبيهاً له. ولكن انظر إليه ولي."
لكني, حين نظرت, قلت: " سيدي, لا أحد ينظر اليك. لنهرب من هذا المكان."
لكنه قال لي: "لقد قلت لك " اترك العميان وحدهم!". وانظر كيف لا يعلمون ماذا يقولون. إذ قد وضعوا ابن مجدهم بدلاً من عبدي في العار."
ورأيت شخصاً على وشك أن يقترب منا شبيهاً به, حتى بالذي يضحك على الشجرة. وهو [امتلأ ] بروح القدس, وهو المخلص. وكان نورٌ عظيم, فائق الوصف حولهم. وجمع الملائكة الخفية الفائقة الوصف يسبحونهم. وحين نظرت إليه, فإن الذي يعطى التسبيح قد كُشِفَ.
وقال لي ," كن قوياً , لأنك الذي أُعْطٍيَت إليه أولئك الأسرار, لتعرفهن من خلال الرؤيا, أن الذي صلبوه هو أول بني الشياطين وبيتهم، والإناء الحجري الذي يسكنون فيه, الخاص بإلوهيم, وبالصليب, الذي هو تحت الناموس. لكن الذي يقف بقربه هو المخلص الحي، الأول فيه, الذي اعتقلوه وأطلقوه, الذي يقف بفرح ناظراً إلى الذين آذوه، بينما هم منقسمون على أنفسهم. لهذا يضحك على افتقارهم للإدراك, عالماً أنهم مولودون عمياناً. لذا فإن العرضة للمعاناة سيأتي, حيث أن الجسد هو البديل. لكن ما أطلقوه هو جسدي الروحيّ. لكنني أنا الروح المفكرة مملوءة بنور متألق. إن من رأيته قادما نحوي هو بليروما تنا Pleroma (مِلؤنا أو كياننا الكلي) المفكر, الذي يوحد النور الكامل مع روحي القدس."
"هؤلا الأشياء_إذن_اللواتي رأيتهن ستقدمهن لجيل آخر ليسوا من هذا الجيل. لأنه لن يكون هناك مجد في أي رجل ليس خالداً، ولكن فقط سيكون ( المجد ) في المختارين من جوهر خالد, الذي ظهر أنه قادر على احتضان من يعطي بوفرة. لهذا قلت," كل من له, سيعطى, ويزداد." ولكن من ليس له_ ذلك هو, إنسان هذا المكان, الذي هو ميت بالكامل, المنتزع من مزرعة الخلق مما هو مولود، الذين اذا ظهر أحد من جوهر الخلود, يحسبون أنهم يمتلكونه – سيُؤخذ منه ويضاف إلى الذي له.1 فانت، إذن , كن شجاعاً ولا تخف إطلاقاً. لأني سأكون معك حتى لا يكون لأحد من أعدائك الغلبة عليك. سلام لك, كن قويا!"
حين قال أولئك الأشياء أفاق بطرس.
ملاحظة:
(1) يشير إلى متى 25: 29
الجدير بالذكر أن الكثير من الغنوسيين كما نرى من قراءتنا لمخطوطات نجع حمادي آمنوا بالإيمان المسيحي التقليدي بصلب المسيح حقيقة فادياً لخطايا البشر، فقد تعددت معتقدات طوائف الغنوسيين بحيث تحتاج معرفتها كلها دراسات متخصصة.
أما ما جاء في القرآن فهو هكذا:
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158)} النساء: 155-158
{فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمْ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)} آل عمران: 52-55
وجاء في (قصص الأنبياء) للمفسر ابن كثير الدمشقي:
وحكى الحافظ بن عساكر من طريق يحيى بن حبيب، فيما بلغه، أن مريم سألت من بيت الملك بعد ما صلب المصلوب بسبعة أيام، وهي تحسب أنه ابنها، أن ينزل جسده، فاجابهم إلى ذلك ودفن هنالك، فقالت مريم لأم يحيى: ألا تذهبين بنا نزور قبر المسيح؟ فذهبتا فلما دنتا من القبر قالت مريم لأم يحيى: ألا تستترين؟ فقالت: وممن أستتر؟ فقالت: من هذا الرجل الذي هو عند القبر. فاستوقفت أم يحيى وذهبت نحو القبر فلما دنت من القبر قال لها جبريل، وعرفته: يا مريم أين تريدين؟ فقالت: أزور قبر المسيح فأسلم عليه وأحدث عهداً به وقال: يا مريم إن هذا ليس المسيح، إن الله قد رفع المسيح وطهره من الذين كفروا، ولكن هذا الفتى الذي ألقي شبهه عليه وصلب وقتل مكانه، وعلامة ذلك أن أهله قد فقدوه فلا يدرون ما فعل به فهم يبكون عليه فإذا كان يوم كذا وكذا فأت غيضة كذا وكذا فإنك تلقين المسيح.
قال: فرجعت إلى أختها وصعد جبريل فأخبرتها عن جبريل وما قال لها من أمر الغيضة، فلما كان ذلك اليوم ذهبت فوجدت عيسى في الغيضة فلما رآها أسرع إليها وأكب عليها فقبل رأسها، وجعل يدعو لها كما كان يفعل، وقال يا أمه إن القوم لم يقتلوني، ولكن الله رفعني إليه وأذن لي في لقاءك، والموت يأتيك قريباً فاصبري، واذكري الله كثيراً. ثم صعد عيسى فلم تلقه إلا تلك المرة حتى ماتت.فقالت أم يحيى: إني لا أرى أحداً فرجت مريم أن يكون جبريل، وكانت قد بَعُد عهدها به،
عقيدة باسيليدس (Basilides) في خلق الكون:
هو أحد الشخصيات الغنوسية الهامة التي ظهرت في منتصف القرن الثاني الميلادي عاش في عهد الأمبراطور الروماني " هدريان " والإمبراطور أنطونيوس بيوس.
يقول القديس إريناوس أن باسيليدس طور عقيدة خلق الكون كالآتي: فقال " أن العقل (ناوس - Nous) كان هو بكر الآب غير المولود (الذي لم يولد). والذي منه ولد اللوجوس (Logos)، ومن اللوجوس (Logos) فرونيسيس (Phronesis)، ومن فرونيسيس (Phronesis) صوفيا (الحكمة Sophia) وديناميس (القوة - Dynamis)، ومن صوفيا (الحكمة – Sophia) وديناميس (القوة - Dynamis) خُلقت القوات والسلاطين والملائكة. الذين يدعونهم الأول، وبواسطتهم خُلقت السماء الأولى. ثم تشكلت قوات أخرى منبثقة من هذه وخلقت سماء أخرى شبيهة بالأولى؛ وبنفس الطريقة، عندما تشكلت قوات أخرى بالانبثاق عنهم ومتماثلين مع الذين فوقهم تماماً، شكلوا هم أيضاً سماء ثالثة، ثم من هذه المجموعة الثالثة، في ترتيب أدنى، كان هناك تتابع رابع لهذه القوات وهكذا، على نفس المثال أعلنوا أن هناك الكثير والكثير من القوات والملائكة، وثلاثمائة وخمس وستين سماءً، تشكلت .أي أن عدد السموات على عدد أيام السنة !!
وقد شكل (خلق) هؤلاء الملائكة الذين يحتلون السماء السفلى، أي المرئية لنا كل شيء في هذا العالم. وجعلوا لكل منهم حصة على الأرض وعلى الأمم التي عليها. وكان رئيس هؤلاء (الملائكة)، كما زعموا، هو إله اليهود، ولأنه أراد أن يخضع كل الأمم لشعبه، أي اليهود، فقد قاومه كل الرؤساء الآخرين وواجهوه. وكانت كل الأمم الأخرى في عداوة مع أمته. ولكن الآب غير المولود (الذي لم بولد) ولا اسم له أدرك أنهم يجب أن يدمروا، أرسل مولوده الأول العقل (ناوس - Nous)، الذي يسمى المسيح، ليخلص الذين يؤمنون به من قوة أولئك الذين خلقوا العالم ".
قارن الفقرة الأخيرة مع قول إنجيل يهوذا الفقرات 6و7 عن خلق الملائكة لآدم والكون المادي.
ويقول عن المسيح: " وظهر على الأرض كإنسان، لأمم هذه القوات وصنع معجزات ... كان قوة غير مادية، وعقل Nous الآب غير المولود (الذي لم يولد). وكان يغير مظهره كما يشاء ".
باسيليدس من مقال آخر
من كتابات أباء الكنيسة نعلم أن باسيليدس كان غزير الإنتاج فقد بلغت كتبه 24 كتابا عن الأناجيل وأنه ألف كتاب يضم " مزامير" وكتب إنجيلاً ووفقاً لرواية " إريناوس" كان باسيليدس وثني وممارس للسحر والشعوذة وأنه كان يقول بأن العقل الكلي " نوس" فاض من الأب الأول الغير معروف ومن " نوس " خرجت الكلمة " لوجوس" ومنها خرج الذكاء " فرونسيس" ومنه خرجت الحكمة " صوفيا " والطاقة " دوناميس" ، ومن الزوج الأخير(الحكمة والطاقة) خرجت الملائكة الأولى التي بدورها قامت بخلق السماء الأولى وملائكتها والتي بدورها خلقت السماء الثانية وملائكتها ، ..... وهكذا دواليك كل سماء تخلق السماء التي تليها وما تحويه من أرواح وملائكة حتى وصل عدد السماوات 365 ويتزعم هذه السماوات أحد الكائنات الإلهية العظيمة ويدعى: أبركساس .
أخر جيل من الملائكة في أخر سماء خلقت العالم وقسمت الشعوب على الأرض وكان يتزعم هذا الجيل الأخير " رب اليهود " الذي وزع اليهود على الأرض لتبدأ النزاعات في العالم.
ويرسل الأب الأول وليده الاول المسيح ( أي العقل الكلي (نوس) للإله) ليهدي البشر ويخلصهم من مكر وسلطان الرب الذي خلق العالم. يؤكد إريناوس أن باسيليدس لم يؤمن بصلب المسيح وإنما قال: شبه لهم وصلبوا بدلاً منه سمعان الكيرنويّ الذي حمل الصليب بدلاً عن يسوع، أما يسوع نفسه فقد صعدت روحه واتحدت مع الأب، لأنه كان روحاً لا يمكن الإمساك بها ساخراً من اليهود.
ما لم يذكره إريناوس في كتابه الدور الذي لعبة باسيليدس وابنه إيزيدوروس في نشر المسيحية في الأسكندرية، هذا الدور الذي وضح في كتابات كلمنت السكندري عنهما وإن لم يقل ذلك صراحة
رواية إبيفانيوس عن باسيليدس مشابهة لرواية إريناوس ، فقط أضاف أن باسيليدس يقول بأن عدد أعضاء الجسم البشري تكافيء عدد السماوات أي 365 وكل عضو يكتسب قوته من القوى التي في هذه السماوات.
نبذة عن العقائد العامة لطوائف الغنوسيين مقتبسة من أحد الأبحاث المسيحية:
كان هناك جماعة هي جماعة الغنوسية وهي حركة وثنية مسيحية ترجع جذورها إلى ما قبل المسيحية بعدة قرون. وكان أتباعها يخلطون بين الفكر الإغريقي - الهيلينتسي – والفكر المصري القديم مع التقاليد الكلدانية والبابلية والفارسية (خاصة الزردشتية التي أسسها الحكيم الفارسي ذردشت (630-553 ق م)، والتي تعتمد على ثنائية الخير والشر، النور والظلمة، وكذلك اليهودية، خاصة فكر جماعة الأثينيين (الأتقياء) وما جاء في كتابهم " الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلام "، والفلسفات والأسرار والديانات الثيوصوفية. وفوق ذلك الفلسفة الأفلاطونية، فلسفة وفكر أفلاطون (427 – 347 ق م)، الذي تأثرت به كثيراً وأخذت عنه أفكارها الجوهرية عن الإله غير المدرك والكون، والتي كانت منتشرة في دول حوض البحر المتوسط في القرن الأول. وكان الفيلسوف اليهودي فيلو من أكثر مناصريها، فقد أعتقد، أفلاطون، أن الله غير مدرك ولا يتصل بالمادة، وأن هناك قوة سامية " اللوغوس - λόγος - logos " التي خلقت العالم المادي، وهو كلمة الله أو عقل الله ". وأن البشر يصارعون من أجل التحرر من سجن الجسد، وانه يمكن إعادة التجسد (التناسخ - أي تعود الروح في أجساد أخرى أكثر من مرة - Reincarnation) لأولئك الذين لم يتحرروا بالموت. بل ويرى بعض العلماء أن كل أصول الغنوسية موجودة عند أفلاطون لذا يقول العلامة ترتليان " أنا أسف من كل قلبي لأن أفلاطون صار منطلق كل الهراطقة."
ومعنى الغنوسية " حب المعرفة " ومنها " Gnostic - غنوسي - محب المعرفة " من كلمة " ςισωνγ - gnosis " التي تعني " معرفة ". وهي عبارة عن مدارس وشيع عديدة تؤمن بمجموعات عديدة من الآلهة. وكانت أفكارهم ثيوصوفية سرية. ولما ظهرت المسيحية خلط قادة هذه الجماعات بين أفكارهم، وبين بعض الأفكار المسيحية التي تتفق معهم.وتتلخص أفكارهم في الآتي:
(1) الإيمان بإله واحد مطلق غير مدرك ولا معروف وأسمى من أن يعرفه مخلوق ما، فهو روح محض ومطلق، هذا الكائن عرفوه بأسماء كثيرة أهمها "البليروما" – πληρωμα والذي يعني الملء ويشير إلى قدرات هذا الإله الكلية. وقد ترجمت كلمة بليروما في الرسالة إلى كلوسي بـ " ملء اللاهوت "؛ " الذي فيه (المسيح) يحل كل ملء اللاهوت جسديا " (2 :9)، كما أسموه أيضاً " بيثوس - Βυθος- Bythos "، العمق.
(2) هذا الإله، يقولون، أنه انبثق منه، بثق من ذاته، أخرج من ذاته، خرج منه بالانبثاق عدد لا يحصى من الكائنات الإلهية، أو القوات الروحية ذات الأنظمة المختلفة التي أسموها بالأيونات (αιωνος- Aeons) والتي توالت في الانبثاق من ذاتها إلى ما لا نهاية. أو كما قالت الكثير من فرقهم أن هذا الإله بثق من ذاته 365 ايون وكل أيون بثق من ذاته 365 وهكذا كل واحد بثق من ذاته 365 على ما لا نهاية!.هذه القوات المنبثقة من الإله السامي، والتي انبثقت من الأيونات نفسها، كان لها أنظمة مختلفة وأسماء مختلفة وتصنيفات وأوصاف مختلفة. ومن ثم فقد آمنوا بمجموعة كبيرة من الآلهة.
(3) وقالوا بالوجود السابق للمادة، وأن هذا الإله السامي والصالح لم يخلق المادة التي كانت موجودة، بحسب الفكر الأفلاطوني سابقا، بل أخرج، انبثق من ذاته، العالم الروحي المكون من هذه الأيونات، وتكون هذه الأيونات مع الإله السامي البليروما (Pleroma)، أو الملء الكامل، دائرة الملء الإلهي. وأن هذا الإله السامي الذي أخرج العالم الروحي من ذاته لم يخلق شيئاً. فهم يؤمنون بأزلية المادة.
(4) ومن هذه الأيونات قامت الحكمة، صوفيا (Σoφíα - Sophia)، التي بثقت، أخرجت، من ذاتها كائناً واعياً، هو الذي خلق المادة والعوالم الفيزيقية، وخلق كل شيء على صورته، هذا الكائن لم يعرف شيئاً عن أصوله فتصور أنه الإله الوحيد والمطلق، ثم أتخذ الجوهر الإلهي الموجود وشكله في أشكال عديدة، لذا يدعى أيضا بالديميورج (Demiurge)، أي نصف الخالق. فالخليقة مكونة من نصف روحي لا يعرفه هذا الديميورج، نصف الخالق ولا حكامه.
ومن هنا فقد آمنوا أن الإنسان مكون من عنصرين عنصر إلهي المنبثق من الجوهر الإلهي للإله السامي ويشيرون إليه رمزيا بالشرارة الإلهية، وعنصر مادي طبيعي فاني. ويقولون أن البشرية بصفة عامة تجهل الشرارة الإلهية التي بداخلها بسبب الإله الخالق الشرير وارخوناته (حكامه). وعند الموت تتحرر الشرارة الإلهية بالمعرفة، ولكن أن لم يكن هناك عمل جوهري من المعرفة تندفع الروح، أو هذه الشرارة الإلهية، عائدة في أجساد أخرى داخل الآلام وعبودية العالم.
واعتقد بعضهم بالثنائية (Dualism) الإلهية أي بوجود إلهين متساويين في القوة في الكون؟ إله الخير، الذي خلق كل الكائنات الروحية السمائية، وإله الشر الذي خلق العالم وكل الأشياء المادية.وربطوا بين إله الشر وإله العهد القديم.وقالوا أن المعركة بين الخير والشر هي معركة بين مملكة النور ضد مملكة الظلمة
وأعتقد بعضهم أن إله الخير خلق الروح وقد وضعها إله الشر في مستوى أدني في سجن الجسد المادي الشرير. وهكذا فأن هدف البشرية هو الهروب من سجن الجسد المادي الشرير والعودة إلى اللاهوت أو التوحد مع إله الخير.وقد فهموا خطأ قول القديس بولس بالروح " إذا أن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض لا تمسّ ولا تذق ولا تجس. التي هي جميعها للفناء في الاستعمال حسب وصايا وتعاليم الناس. التي لها حكاية حكمة بعبادة نافلة وتواضع وقهر الجسد ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية " (كو20:2-23).
وآمن بعضهم بوجود مستويات روحية مختلفة للكائنات البشرية، وقالوا بالاختيار السابق وزعموا أن أصحاب المستوى الروحي الأعلى ضامنون الخلاص مستخدمين قول القديس بولس بالروح " لان الذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين اخوة كثيرين. والذين سبق فعيّنهم فهؤلاء دعاهم أيضا. والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضا. والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضا " (رو29:8-30). وأن أصحاب المستوى الروحي المنخفض ليس لهم خلاص، أما الذين في المنتصف فعليهم أن يجاهدوا للخلاص
وآمنوا أنه يوجد حق مُعلن في جميع الأديان. والخلاص بالنسبة لهم ليس من الخطية بل من جهل الحقائق الروحية التي يمكن الوصول إليها بالمعرفة التي جاءت عن طريق رسل، خاصة المسيح كلمة (اللوجوس - λογος - Logos) الإله الحق. وليس بآلامه وتقديم ذاته للموت بل بتعليمه وكشفه للأسرار ومفهوم الخلاص. فالخلاص، من وجهة نظرهم، يتم فقط من خلال المعرفة (gnosis)، ومن ثم خلطوا بين أفكارهم القديمة وفهمهم الخاطئ لقول القديس يوحنا بالروح " وتعرفون الحق والحق يحرركم " (يو32:flowers وأيضا " كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته. لم يكن هو النور بل ليشهد للنور. كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيا إلى العالم. كان في العالم وكوّن العالم به ولم يعرفه العالم. إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله. وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله " (يو6:1-13).
وقالوا أن المسيح قد كشف المعرفة الضرورية للخلاص. ولذا فقد نادوا بوجود مجموعة من التعاليم السرية الخاصة جداً والتي زعموا أن المسيح قد كشفها وعلمها لتلاميذه ربما لسوء فهمهم لآيات مثل " وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلمهم حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا. وبدون مثل لم يكن يكلمهم. وأما على انفراد فكان يفسر لتلاميذه كل شيء " (مر33:4-34) و" لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سرّ. الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا " (1كو6:6-
.
ومن ثم زعموا وجود مجموعة من التعاليم السرية التي كتبوها في كتب ونسبوها لرسل المسيح وتلاميذه وبعضهم نسب[/size]
[size=16]