مصادر القرآن من الأناجيل المنحولة
من هي مريم؟
جاء في (سورة مريم: آيات 28-29) "يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا".
وجاء كذلك في (سورة التحريم: آية 12) "ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا".
الواقع أن القرآن قد وقع في التباس تاريخي غير مقبول. فمريم أم المسيح ليست هي مريم أخت هارون وموسى. فالأخيرة يفترض أنها عاشت في زمن موسى والذي يرجعه القمص إلى 1500 سنة ق.م. أي أن بين المريمين حوالي خمسة عشر قرناً! الخطأ الآخر الذي وقع فيه القرآن أنه نسب مريم أم المسيح إلى عمران الذي هو أبو مريم أخت موسى وهارون، بينما اسم أبيها هو يواقييم وليس عمران!
كلام المسيح في المهد:
جاء في (سورة مريم: آيات 30-33) "قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا.."
كلام الصبي في المهد مأخوذ من كتاب (حكاية مولد مريم وطفولية المخلص: الفصل 20). والمثير أن تلك الحكاية تعود جذورها إلى أسطورة هندية عن مولد بوذا قبل المسيح بنحو 557 سنة، وهي موجودة في كتاب (ندانه كتها جاتكم: فصل 1 ص 50).
خلقة المسيح للطيور:
جاء في (سورة آل عمران: 41-43) "... إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله".
هذه الأعجوبة مستقاة من الكتاب الشعبي (طفولة المسيح: فصل 36).
يتضح لنا مما سبق أن لليهودية والمسيحية إسهامات جمة في تشكيل الذاكرة التاريخية للقرآن بما وفرته من ذخيرة قصصية استفاد منها النبي محمد في مشروعه الدعوي. الغريب أن النبي في مرحلة متأخرة من حياته هاجم الكتب المقدسة لتلك الديانتين متهماً الأحبار بتحريف الكلام عن موضعه. إذا كان النبي محقاً في اتهاماته تلك، فهذا يستدعي التساؤل عن مصداقية الآيات القرآنية الكثيرة التي كانت تمتح من أسفار العهد القديم والجديد. إذا كانت تلك الكتب محرفة فالمنطق يقول أن التحريف قد تسرب بدوره إلى الآيات القرآنية. إذاً ما الذي دفع الإسلام إلى الانقلاب على الديانتين الشقيقتين (= اليهودية والمسيحية)؟ اعتقد شخصياً ربما أكون مصيباً أو مخطأً أن المهتمين بدراسة الأديان يمكنهم ملاحظة ظاهرة بارزة تتمثل في أن الدين الصاعد والخارج لتوه من رحم الدين القديم عادة ما يلجأ إلى الإطاحة بما قبله، وهي ظاهرة يمكن الوقوف عليها حتى من دراسة الأساطير القديمة وتفكيك رموزها. فالإله الشاب مردوخ البابلي شطر إلهة العماء والمياه الأولى الإلهة تيامت إلى شطرين في إشارة إلى تدشين عالم جديد ديناميكي متمرد على تقاليد الحياة القديمة المغلفة بالسكون والرتابة. أما الاحتمال الثاني لتفسير سلوك القرآن المتبدل من حد احتضان محتويات الكتب المقدسة إلى حد رميها بالتحريف والتضليل فربما يفسر في إطار صراع النبي محمد بعد انتقاله إلى المدينة مع الجاليات اليهودية، وهو ما استدعى حتى ضرب اليهود في أصل ديانتهم.