خلق آدم وبدعة مرقيون فى القرآن
نزول عزرائيل لأخذ قبضة من تراب الأرض وأتى بها لله ليخلق آدم مأخوذة من بدعة مرقيون
قال أبو الفداء نقلاً عن «تاريخ الكامل» لابن الأثير «قال النبي إن الله تعالى خلق آدم عليه السلام من قبضة قبضها من جميع الأرض، وإنما سُمي آدم لأنه خُلق من أديم الأرض».
في ذكر بعض أشياء شتى أخذت من كتب المسيحيين أو من مؤلفات أصحاب البدع والضلالة: فمن هذا القبيل الحكاية الواردة في «قصص الأنبياء» (ص 11) «لما أراد الله أن يخلق آدم، أرسل الملائكة المقربين واحداً بعد الآخر لكي يأتوا بقبضة من أديم الأرض. ولما خاب مسعاهم نزل أخيراً عزرائيل ووضع يده وأخذ قبضة من أديم كل الأرض، وأتى بها إلى المولى قائلاً: يا الله أنت تعرف ها أتيت بها».
أما قضية نزول الملاك من السماء لأخذ شيء من أديم الأرض، وأنه طلب قبضة من الأرض حسب الأحاديث، فمأخوذة من أقوال «مرقيون» وهو يوناني من أصحاب البدع الذين انحرفوا عن الدين القويم، لأن «يذنيق» أحد المؤلفين الأرمن القدماء أورد في كتابه «ردُّ البدع» (فصل 4) العبارة الآتية من أحد كتب مرقيون وترجمتها «ولما رأى إله التوراة أن هذا العالم كان جميلاً عزم على عمل الإنسان منه (أي من هذا العالم). ولما نزل إلى الأرض إلى المادة (أو الهيولي) قال: أعطيني شيئاً من طينك وأنا أعطيك نسمة من عندي.. ولما أعطته المادة شيئاً من أديمها خلقه (أي آدم) ونفخ فيه النسمة.. ولهذا السبب سُمي آدم لأنه خُلق من أديم الأرض».
وتقول بدعة مرقيون إن الشخص الذي يسميه «إله التوراة» الذي أخذ قبضة من الأرض ليخلق منها الإنسان هو ملاك لا غير، لأن مرقيون المبتدع وأتباعه قالوا إن التوراة نزلت من عند أحد الملائكة الذي كان عدواً لله، وكانوا يسمون هذا الملاك «رب العالمين» و«خالق المخلوقات» و«رئيس هذا العالم». ولا يخفى أن قولهم «رئيس هذا العالم» مأخوذ من الإنجيل وصفاً للشيطان (يوحنا 14: 30). وقد قال المسلمون إن هذه الآية نبوَّة عن محمد لأنهم جهلوا معناها الحقيقي.
وقال مرقيون إن هذا الملاك أقام في السماء الثانية، وإنه لم يكن يعرف في أول الأمر بوجود الله. ولكنه لما عرف بوجوده عاداه. وقال مرقيون إن اسم المولى واجب الوجود هو «الإله المجهول». وحاول الملاك منع الناس عن معرفة الله الإله الحقيقي لئلا يكرموه ويعبدوه. فكل هذه الآراء والمذاهب تشبه ما قاله المسلمون من أن عزازيل كان مقيماً أيضاً في السماء الثانية. ويوجد منشأ باقي قصة عزازيل في كتب أشياع زردشت كما سنبينه في الفصل الخامس من هذا الكتاب.