مـــــــــــــنتدى رومــــــكم على البالتـــواك7ewar jaree2 fee aladyan
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مـــــــــــــنتدى رومــــــكم على البالتـــواك7ewar jaree2 fee aladyan

مـــــــــــــــــنتدى_مسيحيــــــــــات_حقوق انســـــــــــــــــان_ اســــــــــــلامــــــــــــــــيات
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 إبراهيم فى الهاجادا والقرآن3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
margerges_4jc
Admin



عدد المساهمات : 567
نقاط : 1711
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 18/08/2010

إبراهيم فى الهاجادا والقرآن3 Empty
مُساهمةموضوع: إبراهيم فى الهاجادا والقرآن3   إبراهيم فى الهاجادا والقرآن3 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 03, 2010 3:28 am

النموذج الثانى لقصة الهاجادا

(نجمٌ في الشرق)

لقد كان تارح موظفاً عالياً في بلاطِ نمرودَ، وكان له مقام عظيم عند الملك وحاشيته. لقد وُلِدَ ابنٌ له والذي سماه أبرام، لأنَّ الملكَ قد رفعَه إلى موقعٍ سامٍ. في ليلة مولدِ إبراهيمَ، جاءَ الحكماءُ والمنجمون إلى بيتِ تارح، وأكلوا وشربوا، وابتهجوا معَه في ذلكَ اليومِ. عندما غادروا البيتَ، رفعوا عيونَهم إلى السماءِ للنظرِ إلى النجومِ، ورأوْا، وشاهدوا، نجماً عظيماً أتى من الشرق وجرى عرضياً خلال السماوات وابتلعَ الأربع نجومٍ من الجهات الأربعة. دهشوا كلهم جميعاً من هذا المشهد، لكنهم فهموا المسألة، وعرفوا أهميتها. قال أحدهم للآخر: "هذا يدل فقط على أن الطفل الذي قد وُلِدَ لتارحَ هذه الليلة سوف ينمو ويكون مثمراً، وسوف يحوز ويمتلك كلَّ الأرض، هو وبنوه إلى الأبد، وهو وبذرته سوف يذبحون ملوكاً عظماءَ ويرثون أراضيَهم."



راحوا إلى منازلِهم تلك الليلةَ، وفي الصباح استيقظوا باكراً، واجتمعوا في مقر لقائِهم. تحدثوا، وقالوا أحدهم للآخر: "انظرْ! المشهد الذي قد رأيناه الليلة البارحة مخفيّ عن الملكِ، هو لم يتمْ إعلامُه به، وينبغي أن يصيرَ هذا الشيءُ معلوماً له في الأيام اللاحقة، سوف يقول لنا: "لِمَ أخفيتم هذه المسألة عني؟" ثم سنقاسي كلنا الموتَ. الآنَ، دعونا نذهبْ ونخبر الملكَ بالمشهدِ الذي قد رأيناه، وتفسير ذلك، وسنكون صافين من هذا الشيء." وذهبوا إلى الملكِ وأخبروه بالمشهدِ الذي قد رأوْه، وتفسيرِهم له، وأضافوا نصيحة له أن يدفعَ قيمة الطفل لتارح، ويذبحَ الرضيعَ.



تِبعاً لذلكَ، أرسلَ الملكُ إلى تارحَ، وعندما جاءَ، تحدث إليه: "لقد أُخْبِرْتُ أن ابناً قد وُلِدَ الليلة الماضية، وشوهِدَتْ علامةٌ عجيبة في السماواتِ عند مولدِهِ. الآنَ أعطِني الصبيَّ، لكي نذبحَه قبلَ أنْ يأتيَ الشرُ علينا منه، وسأعطيكَ ملأَ بيتِكَ فضةً وذهباً عوضاً عنه." فأجابَ تارحُ: "هذا الشيء الذي قد وعدتَني به مثل كلماتٍ قالها رجلٌ لبغلٍ، قائلاً: "سأعطيكَ كومة عظيمة من الشعيرِ، بيتاً كاملاً منه، بشرطِ أنْ أقطعَ رأسَكَ!" فأجابَ البغلُ: "ماذا سيكونُ استعمالُ الشعيرِ لي، إذا قطعتَ رأسي؟ من سيأكلُه عندما تعطيه لي." هكذا أيضاً أنا أقول: "ماذا سأعمل بالفضةِ والذهبِ بعدَ موتِ ابني؟ من سيرثني؟" لكنْ عندما رأى تارحُ كيف اشتعلَ غضبُ الملكِ عليه عند أولئك الكلماتِ، أضافَ: "مهما ابتغى الملكُ أنْ يفعلَ لخادمِه، سيدعه يفعله، حتى ابني في تصرف الملكِ، بلا قيمةِ عوضٍ، هو وأخويه الأكبر.



تحدث الملكُ-رغمَ ذلكَ- قائلاً: "سأشتري ابنَكَ الأصغرَ بثمنٍ." فقال تارحُ جواباً: "فليعطِني الملكُ ثلاثةَ أيامٍ لنظرِ المسألةِ والتشاورِ حولَها مع أسرتي." فوافقَ الملكُ على هذا الشرطِ، وفي اليومِ الثالثِ أرسلَ إلى تارحَ، قائلاً: "اعطِني ابنَكَ بثمنٍ، كما تحدثتُ إليكَ، وإنْ لمْ تفعلْ هذا، سأرسل وأقتل كلَّ ما لديكَ في منزلِكَ، لن يكونَ هنالكَ كلبٌ متروكٌ لكَ."



ثم أخذَ تارحُ الطفلَ الذي ولدَتْه أمته له في هذا اليومِ، وجابَ الرضيعَ إلى الملكِ، وأخذَ منه القيمةَ، وأخذَ الملكُ الطفلَ وضربَ رأسَه بالأرضِ، لأنه ظنه إبراهيمَ. لكنَّ تارحَ أخذَ ابنَه إبراهيمَ، مع ابني أمَّه ومرضعتِه، وأخفاهم في كهفٍ، وحملَ المؤنَ لهم مرةً في الشهرِ، وكان السيدُ (=الرب) مع إبراهيمَ في الكهفِ، ونمى، لكنَّ الملك وموظفيه ظنوا أن إبراهيمَ ميتٌ.



وعندما صارَ عمرُ إبراهيمَ عشرَ سنواتٍ، خرجوا هو وأمه ومرضعته من الكهفِ، لأنَّ الملكَ وموظفيه قد نسوا شأنَ إبراهيم.



في ذلك الزمنِ عصى كل سكانِ الأرضِ السيِّدَ، وجعلوا لأنفسِهم لكلِّ رجلٍ إلهَه، آلهة من الخشب والحجر، التي لا تستطيع التكلمَ ولا السمعَ، ولا التنجية من الكربِ. كانَ الملكُ وموظفوه وتارح مع أهلِ بيتِه أولَ من عبدوا صورَ الخشبِ والحجرِ. صنعَ تارحُ اثني عشرَ إلهاً من الحجمِ الكبيرِ، من الخشبِ والحجرِ، مقابلين للاثني عشر شهراً للسنة، وقدَّمَ لهم الإجلالَ شهراً لكلِّ واحدِ بالدورِ.



(المؤمن بالحق)

ذاتَ مرةٍ ذهبَ إبراهيمُ إلى معبدِ الأصنامِ في بيتِ أبيه، لتقديمِ القرابينِ لهم، ووجدَ واحداً منهم، تحديداً بالاسمِ يسمى ماروماث، المصنوعَ من الحجارةِ، منطرحاً على وجهِه أمامَ صنمِ ناحورَ الحديديّ، كان الصنمُ ثقيلا جداً عليه لكي يرفعَه وحدَه، فنادى أباه لمساعدتِه على إعادةِ ماروماث إلى مكانِه. بينما يتناولان الصورةَ، انخلعتْ عن رأسِها، فأخذَ تارحُ حجراً، ونحتَ ماروماثَ آخرَ، واضعاً الرأسَ الأولَ على الجسمِ الجديد. ثم استمرَّ تارحُ وعملَ خمسة آلهة أخرَ. وسلَّمَ كلَّ هؤلاءِ لإبراهيمَ، وأمرَه ببيعِهم في شوراعِ المدينةِ.



أسرجَ إبراهيمُ بغلَه، وذهبَ إلى الخانِ حيثُ تجارٌ من فندانا في سوريا قد استراحوا في طريقهم إلى مِصرَ. لقد أمَلَ التخلصَ من سلعتِه هناكَ. عندما وصلَ الخانَ، تجشأ واحدٌ من الجِمالِ الذين يعودون إلى التجار، فأخافَ الصوتُ البغلَ بحيثُ هرَبَ لا يلوي على شيءٍ وكسَرَ ثلاثةً من الأصنامِ. لم يشترِ التجارُ الصنمين الصحيحين فقطْ منه، لقد أعطوه كذلك ثمنَ المكسورين، لأن إبراهيمَ كان قد أخبرَهم كم هو محزونٌ للظهورِ أمامَ أبيه بمالٍ أقلَّ مما توقعَ أنْ يحصلَ من عملِه اليدويّ.



جعلَتْ هذه الحادثة إبراهيمَ يفكِّر ملياً في عدمِ جدوى الأصنامِ، وقال لنفسِه: "أي شرٍ هذا الذي يفعله أبي؟ أليسَ هو إلهَ آلهتِهِ، لأنهم ألم يأتوا إلى الوجودِ بسببِ نحتِه وصقلِه واختراعِه؟ هل هم أجدرُ بعبادته إياهم من عبادتهم إياه؟ رائياً أنهم عملُ يديه؟" مفكراً هكذا، وصلَ بيتَ أبيه، ودخل وناولَ أباه مالَ الصورِ الخمسة، وابتهجَ تارحُ، وقال: "مباركٌ أنتَ من آلهتي، لأنكَ قد جِبْتَ لي ثمنَ الأصنامِ، وجهدي لم يكنْ هباءً." لكنَّ إبراهيمَ قال مجيباً: "اسمعْ، أبي تارح، مباركةٌ الآلهة منكَ، لأنكَ إلهُهم، منذ شكَّلْتَهم، وبركتهم هلاك ومساعدتهم اغترار. لأنهم حتى لا يساعدون أنفسهم، فكيف يقدرون على مساعدتِكَ أو مباركتي."



تنامى غضبُ تارحَ على إبراهيمَ، لأنه لفظَ مثلَ هذا الكلامِ ضدَّ آلهتِه، وإبراهيم-مفكراً في غضب أبيه-تركَه وخرجَ من البيتِ. لكنَّ أباه ناداه معيداً له، وقال: "اجمعْ بِشارةَ خشبِ البلوطِ الذي صنعتُ منه صوراً قبلَ أنْ تعودَ، وجهِّزْ لي عشائي." استعدَّ إبراهيمُ لتنفيذِ أمرِ أبيه. وأخذ البشارة ووجد صنماً صغيراً بينهم، الذي حملَتْ جبهتُه النقش "الرب باريسات"، لقد ألقى القشور في النارِ، وألحق بها باريساتَ، قائلاً: "انتبهْ! احذر، باريسات، أن لا تَخرُجَ النارُ حتى أعودَ. إنْ اشتعلتْ بمستوىً منخفضٍ، انفخْ عليها، واجعلها تشتعل ثانية." متحدثاً هكذا، ذهبَ خارجاً. عندما عادَ إلى الداخلِ ثانية، وجدَ باريساتَ منطرحاً على ظهرِه، محترقاً بشدةٍ. مبتسماً، قال لنفسِه: "في الحقيقةِ، باريساتُ، يقدرُ أن يُبقي النارَ مشتعلةً ويُجَهِّز الطعامَ." وبينما كانَ يتحدث، كانَ الصنمُ قد التُهِمَ وصارَ رماداً. ثم أخذَ الصحونَ إلى أبيهِ، وأكلَ وشربَ وكانَ سعيداً وباركَ إلهَه ماروماث. لكنَّ إبراهيمَ قال لأبيه: "لا تباركْ ربَّكَ ماروماثَ، بل بالأحرى ربَّكَ باريساتَ، فقد كان هو من-بمحبتِه العظيمةِ لكَ-ألقى نفسَه في النارِ لكي تُطْبَخَ وجبتُكَ." صاحَ تارحُ: "أينَ هو الآنَ؟" فأجابَ إبراهيمُ: "لقد صارَ رماداً في لهيبِ النارِ." فقالَ تارحُ: "عظيمٌ هو سلطانُ باريساتَ! سأعمل لنفسي آخرَ هذا اليومَ، وغداً سيُحَضِّرُ لي طعامي."



أضحكَه كلامُ أبيه ذلكَ في عقلِه، لكنَّ روحه كانت حزينة على عِناده، ومضى في إيضاحِ آرائِه في الأصنامِ، قائلاً: "أبي، لا أهمية للصنمين اللذيْنِ تباركهما، سلوككَ غير عقلانيّ، لأن الأصنامَ القائمة في المعبدِ المُقدَّسِ أجدرُ بالعبادةِ من صنميك. ف زوشيوس صنم أخي ناحورَ أكثر جلالاً من مارموث، لأنه صُنِعَ ببراعةٍ من الذهبِ، وعندما يكبُر، سوف يُعمَلُ من جديدٍ [مِنْ نفسِ مادته-المترجم]. لكنْ عندما سيصبحُ مارموثُ ضعيفاً، أو يتحطم إلى شظايا، لن يُجَدَّدَ، لأنه من الحجرِ. والرب جاوڤ، الذي يقفُ فوقَ الآلهةِ الآخرين مع زوشيوس، أكثر جلالاً من باريساتَ، المصنوعِ من الخشبِ، لأنه صيغَ من الفِضةِ، وزخرفه الرجالُ، لإراءةِ روعتِه. لكنَّ بارساتَكَ-قبلَ أنْ تعملَه بنفسِكَ كإلهٍ بفأسِكَ-كان متجذراً في الأرضِ، واقفاً عظيماً ورائعاً، بعظمةِ فروعِه وأزهارِه، الآنَ هو جافٌ، وذاهبٌ ماؤه، من ارتفاعه قد سقطَ إلى الأرضِ، من العظمة انحدرَ إلى الدناءةِ، ومظهر وجهِه اضمحلَّ، وهو نفسه قد احترقَ في النارِ، والتهمتْه حتى صار رماداً، ولمْ يعُدْ بعدُ. ثم تقولُ أنتَ: ‘‘سأصنع لي آخرَ هذا اليومَ، وغداًَ سيجهز لي طعامي!’’ أبي.. " أكملَ إبراهيمُ، وقالَ: "النارُ أجدرُ بالعبادةِ من آلهتكَ المعمولةِ من الذهبِ والفضةِ والخشبِ والجرِ، لأنها تلتهمهم. لكن أيضاً النار لا أدعوها إلهاً، لأنها خاضعة للماء، الذي يطفؤها. لكن أيضاً لا أدعو الماءَ إلهاً، لأنه يُمْتَصّ مِنْ قِبَلِ الأرضِ، وأنا أنادي بأنَّ الأرضَ أكثر عظمة، لأنها تتغلبُ على الماءِ، لكن أيضاً لا أدعو الأرضَ إلهاً، لأنها تجف بالشمسِ، وأنا أنادي بأنَّ الشمسَ أعظمُ من الأرضِ، لأنه he يُنيرُ العالمَ كلَّه بأشعتِه. لكن أيضاً لا أدعوه إلهاً، لأنَّ ضوءَه يُحجَبُ عندما يأتي الظلامُ فوقَه. ولا أدعو القمرَ والنجومَ آلهة، لأنَّ ضوءَهم-أيضاً-ينكسفُ حين يمضي وقتُ لمعانِهم. لكن اصغِ إلى هذا، أبي تارح، ما سأعلنه لك" الرب الذي قد خلقَ كلَّ الأشياءِ، هو الربُ الحقيقيّ، لقد أرجنَ السماواتِ، وذَهَّبَ الشمسَ، وأعطى التألقَ للقمرِ وكذلكَ النجومِ، هو يجعلُ الأرضَ جافةً في وسطِ مياهٍ كثيرةٍ، وكذلك إياكَ قد وضعَ على الأرضِ، ولي أراني نفسَه في تشوشِ أفكاري."



(محطم الأصنام)

لكنَّ تارحَ لم يُمْكِنْ إقناعُه، وكإجابةٍ على سؤالِ إبراهيمَ: مَنْ الربُ الذي قد خلقَ السماءَ والأرضَ وأطفالَ الرجالِ، أخذه إلى البهوِ حيثُ وقفَ اثنا عشر صنماً كبيراً وعددٌ كبيرٌ من الأصنامِ الصغيرة، مشيراً إليهم قالَ: "هاهم أولاءِ الذين خلقوني وأيضاً أنتَ وكلَّ الرجالِ على الأرضِ." وسجدَ أمامَ آلهتِه، وغادرَ البهوَ مع ابنِهِ.



ذهب إبراهيمُ من هناكَ إلى أمِّه، وتحدث إليها، قائلاً: "انظري، أراني أبي هؤلاء الذين قد عملوا السماءَ والأرضَ وكلَّ أبناءِ الرجالِ. الآنَ-لذا-عجِّلي واجلبي حَمَلاً من القطيعِ، واصنعي منه لحماً لذيذاً، لكي أقدِّمَه إلى آلهةِ أبي، لعلي بذلكَ أصبح مرضياً عليَّ منهم." ففعلتْ أمه طبقاً لطلبِه، لكنْ عندما قدَّمَ إبراهيمُ القربانَ إلى الآلهةِ، رأى أنهم ليس لهم صوتٌ، ولا سمعٌ، ولا حركةٌ، ولا أحدَ منهم مدَّ يدَه ليأكلَ. هزأ إبراهيمُ بهم، وقالَ: "مؤكد، اللحم الشهيَ الذي حضَّرْتُه لم يُرْضِكم، أو ربما كان قليلاً جداً بالنسبةِ إليكم! لذا سأحضِّر لحماً شهياً طازجاً غداً، أفضل وأكثر وفرةً من هذان لأرى ما سينتجُ من ذلك." لكنَّ الآلهةَ بقيت صامتة وبلا حركةٍ أمامَ القربانِ الثاني من اللحمِ الممتاز الشهيِّ كما أمامَ القربانِ ألأولِ، وحلَّتْ روحُ الربِّ على إبراهيمَ، وصاحَ، وقال: "ويلٌ لأبي وجيلِه الشريرِ، الذين قلوبهم قد مالت كلها إلى الغرورِ، الذين يعبدون أصنامَ الخشبِ والحجرِ، التي لا تقدر أن تأكلَ، أو تبتسمَ، أو تسمعَ، أو تتكلمَ، التي لها أفواهٌ بلا خطابٍ، عيونٌ بلا رؤيةٍ، آذانٌ بلا سمعٍ، أيدي بلا حاسة لمسٍ، أرجلٌ بلا حركةٍ!"



ثم أخذَ إبراهيمُ سَفَناً وحطَّمَ كلَّ أصنامِ أبيه، وعندما أنهى تحطيمَهم وضعَ الفأسَ في يد أكبرِ إلهٍ بينهم كلِّهم، وخرج. تارحُ-سامعاً ارطضام السَفَنِ بالحجارة-ركضَ إلى غرفةِ الأصنامِ، ووصلَ إليها في اللحظةِ التي كانَ قد غادرَها إبراهيمُ، وعندما رأى ما قد حدثَ، أسرعَ وراءَ إبراهيمَ، وقالَ له: "ما هذا الأذى الذي قد فعلتَ لآلهتي؟" ردَّ إبراهيمُ: "وضعتُ لحماً لذيذاً أمامَهم، وعندما جئتُ بقربِهم، لكي يأكلوا، مدوا كلهم أيديهم لتناولِ اللحمِ، قبلَ أنْ يمدَّ الكبيرُ يدَه للأكلِ. هذا-غاضباً منهم بسببِ تصرفِهم- أخذَ الفأسَ وحطمهم جميعاً، و-ترى-الفأسَ ما زالتْ في يديه، كما ترى." التفتَ تارحُ إلى إبراهيمَ في غضبٍ عليه، وقال: "أنتَ تتحدث بالأكاذيبِ معي! هل هناكَ روحٌ، ونفسٌ، أو قوةٌ في هؤلاءِ الآلهةِ لفعلِ كلِّ ما قد أخبرتني به؟ أليسوا خشباً وحجراً؟ وألم أصنعْهم أنا نفسي؟ لقد كانَ أنتَ من وضعَ السَفنَ في يدِ الإلهِ الكبيرِ، وقلتَ أنه ضربَهم جميعاً." أجابَ إبراهيمُ أباه، وقال: "كيف-إذن-يمكن لكَ أن تعبدَ تلك الأصنامَ اللاتي ليس فيهن قوة لفعل أي شيءٍ. أتستطيعُ تلك الأصنامُ التي تثق فيها تنجيتَك؟ أيستطيعون سماع صلواتِكَ عندما تدعوهم؟" بعدَ تحدثِه هكذا وبكلامٍ مشابِهٍ، حذّرَ أباه لإصلاحِ طرقِه والإحجامِ عن عبادةِ الأصنامِ، ووثبَ أمامَ أبيه، وأخذ السَفَنَ من الصنمِ الكبيرِ، وحطَّمه به، وهرب.



عجَّلَ تارحُ إلى نمرودَ، سجد قباله، وترجاه ليسمعَ قصتَه، عن ابنِه الذي قد وُلِدَ له منذ خمسين عاماً مضَوْا، وكيفَ فعلَ بآلهتِه، وكيف تحدَّثَ. وقال: "الآنَ-لذا-ملكي وإلهي، أرسلْ له ليمثُلَ أمامَكَ، واعملْ العدلَ معه طبقاً للقانونِ لِنَسْلَمَ من هذا الشرِّ." عندما أُحْضِرَ إبراهيمُ أمامَ الملكِ، أخبرَه بنفسِ القصةِ كما قد حكاها لتارح، عن الصنم الكبير الذي كسَّرَ الأصاغر منه، لكنَّ الملكَ ردَّ: "الأصنام لا تقوم سواء بالتحدثِ، ولا الأكلِِ، ولا الحركةِ." فوبَّخَه إبراهيمُ لعبادةِ الأصنامِ التي لا تقدر أنْ تفعلَ شيئاًً، ونصحَه بعبادةِ إلهِ الكونِ. كانَ آخر كلامِه "إنْ لمْ يصغِ قلبُكَ الشريرُ إلى كلامي، ليجعلَكَ تهجرُ الطرقَ الشريرةَ وتعبدَ الإلهَ الأبديَّ، فسوف تموتُ في خزيٍ في آخرِ الأيامِ، أنتَ، وشعبُكَ، وكلُ من لهم علاقةٌ بكَ، الذين سمعوا كلامَكَ، وساروا في طرقِكَ الشريرةِ."



أمرَ الملكُ بإبراهيمَ أنْ يوضَعَ في السجنِ، وفي نهايةِ عشرةِ أيامٍ، جعلَ كلَّ أمراءِ وعظماءِ المملكةِ يمثلون أمامه، وعرض عليهم قصةَ إبراهيم. كانَ رأيُهم أنه يجبُ أنْ يُحْرَقَ، و-وفقاً لذلكَ-عملَ الملكُ ناراً جُهِّزَتْ لثلاثةِ أيام وثلاثِ ليالٍ، في فرنِه بقادشيم، وحُمِلَ إبراهيمُ إلى هناكَ من السجنِ ليُحرَقَ.



كلُّ سكانِ الأرضِ، قرابة تسعمئة ألفِ رجلٍ، غيرَ النساءِ والأطفالِ، جاؤوا ليَرَوْا ما سَيُفْعَلُ بإبراهيمَ. وعندما أُحْضِرَ، تعرَّفَ عليه المنجِّمون، وقالوا للملك: "مؤكد، هذا هو الرجل الذي قد عرفناه كطفلٍ، عندَ مولدِهِ ابتلعَ النجمُ الأكبرُ النجومَ الأربعة. انظر، لقد عصى أبوه أمرَكَ، واستهزأَ بكَ، لأنه أحضَرَ لكَ طفلاً آخرَ، هو الذي قتلتَه."

كانَ تارحُ مرتعباً بشدةً، لأنه كانَ خائفاً من غضبِ الملكِ، واعترفَ بأنه قد خدعَ الملكَ، وعندما قال الملكُ: "خبِّرْني من نصحَكَ بفعل هذا. لا تُخْفِ شيئاً، ولن تموتَ." اتهمَ هارانَ كذباً-الذي كانَ عمره اثنين وثلاثين عاماً عندَ مولدِ إبراهيمَ-بنصيحتِه بخداعِ الملكِ. بأمرِ الملكِ، جُرِّدَ إبراهيمُ وهارانُ من كلِّ ثيابهم سوى التكشيطة، ورُبِطَتْ أيديهما وأقدامها بحبالٍ كتانيةٍ، وأُلقُوا في الأتون، هارانُ-لأنَّ قلبَه لم يكن كاملاً مع الربِّ-هلكَ في النارِ، وأيضاً الرجال الذين ألقَوْه في الأتون احترقوا بألسنةِ اللهبِ التي اندلعت عليهم، ونجا إبراهيمُ وحدَه مِنْ قِبَلِ الربِّ، ولم يحترقْ، رغمَ أن الحبال اللاتي كان مقيداً إليها قد التُهِمنَ. لثلاثةِ أيامٍ وثلاثِ ليالٍ مشى إبراهيمُ وسطَ النارِ، وجاءَ كلُ خدمِ الملكِ وأخبروه: "انظر، لقد رأينا إبراهيمَ متمشياً في وسطِ النار."



في البدءِ لمْ يصدقْهم الملكُ، لكن حينَ أيَّدَ بعضُ أمرائِه الموثوقِ بهم كلامَ خدمِهِ، نهضَ وذهب للرؤيةِ بنفسِهِ. ثم أمرَ خدمَه بأخذِ إبراهيمَ من النارِ، لكنهم ما قدروا، لأنَّ ألسنةَ اللهبِ اندلعت اتجاهَهم من الأتون، وعندما حاولوا ثانيةً-بأمرِ الملكِ-أنْ يقتربوا من الأتونِ، اندلعَتْ ألسنةُ اللهبِ وأحرقَتْ وجوهَهم، بحيثُ ماتَ ثمانيةٌ منهم. ثم نادى الملكُ على إبراهيمَ: "يا خادمَ الربِّ الذي في السماءِ، تعالَ مِنْ وسطِ النارِ، وأقدِم هنا وقفْ أمامي." وجاءَ إبراهيمُ ووقفَ أمامَ الملكِ. فتحدَّثَ الملكُ إلى إبراهيمَ، وقال: "كيف يتأتى أنكَ لمْ تُحْرَقْ بالنارِ؟" فقالَ إبراهيمُ مجيباً: "ربُ السماءِ والأرضِ الذي فيه أثقُ، والذي يملكُ كلَّ الأشياءِ في سلطانِه، قد نجاني من النارِ التي ألقيتني فيها.



قارن مع

{وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَماوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنْ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَماوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)} الأنعام: 75- 83



{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً (41) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً (43) يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً (46) قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً (50)} مريم: 41- 50



{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإٍبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لا تَنطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمْ الأَسْفَلِينَ (98)} الصافات: 83- 98



*ملاحظات:

السَفَن: فأس قصيرة اليد غليظة تُستَعملُ لنحاتة الخشب وتقشيره مِنْ قِبل النجارين والنحاتين.

أرجنَ السماواتِ: جعل لونَها أرجوانياً.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إبراهيم فى الهاجادا والقرآن3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» آدم فى الهاجادا والقرآن3
» الملائكة فى الهاجادا والقرآن3
» جهنم فى الهاجادا والقرآن3
» الجنة فى الهاجادا والقرآن3
» إبراهيم فى الهاجادا والقرآن1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مـــــــــــــنتدى رومــــــكم على البالتـــواك7ewar jaree2 fee aladyan :: (الفئة التـــــــــــاسعه اســـــــــــــلاميات) :: اســـــــــــــلامــــــــــــــــــــــيات القران-
انتقل الى: